الموضوع: ليالي الجائعين
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2012-02-09, 05:03 PM
غيمة جده غيمة جده غير متواجد حالياً
أميرة الخواطر
 
تاريخ التسجيل: Jun 2011
الدولة: جده
المشاركات: 1,312
جنس العضو: أنثى
غيمة جده is on a distinguished road
افتراضي ليالي الجائعين

قصيدة ليالي الجائعين

لشاعر اليمن الكبير عبدالله البردوني




هذي البيوت الجاثمات إزائي

ليل من الحرمان و الإدجاء

من للبيوت الهادمات كأنّها

فوق الحياة مقابر الأحياء

تغفو على حلم الرغيف ولم

تجدإلاّ خيالا منه في الإغفاء

و تضمّ أشباح الجياع كأنّها

سجن يضمّ جوانح السّجناء

و تغيب في الصمت الكئيب كأنّها


كهف وراء الكون و الأضواء

خلف الطبيعة و الحياة كأنّها

شيء وراء طبائع الأشياء

ترنو إلى الأمل المولّي مثلما

يرنو الغريق إلى المغيث النائي

و تلملم الأحلام من صدر الدّجا

سردا كأشباح الدجا السوداء
***

هذي البيوت النائمات على الطوى

نوم العليل على انتفاض الداء

نامت و نام اللّيل فوق سكونها

و تغلّفت بالصمت و الظلماء

و غفت بأحضان السكون و فوقها

جثث الدجا منثورة الأشلاء

و تلملمت تحت الظلام كأنّها

شيخ ينوء بأثقل الأعباء

أصغى إليها اللّيل لم يسمع بها

إلاّ أنين الجوع في الأحشاء

و بكا البنين الجائعين مردّدا

في الأمّهات و مسمع الآباء

ودجت ليالي الجائعين و تحتها

مهج الجياع قتيلة الأهواء

***

يا ليل ، من جيران كوخي ؟ من هم

مرعى الشقا و فريسة الأرزاء

الجائعون الصابرون على الطوى

صبر الربا للريح و الأنوار

الصامتون و في معاني صمتهم

دنيا من الضجّات و الضوضاء

و يلي على جيران كوخي إنّهم

ألعوبة الإفلاس و الإعياء

ويلي لهم من بؤس محياهم و يا

و يلي من الإشفاق بالبؤساء

أنوح للمستضعفين و إنّني

أشقى من الأيتام و الضعفاء

و أحسّهم في سدّ روحي في دمي

في نبض أعصابي و في أعضائي

فكأنّ جيراني جراح تحتسي

ريّ الأسى من أدمعي و دمائي

ناموا على البلوى و أغفي عنهمو

عطف القريب ورحمة الرحماء

ما كان أشقاهم و أشقاني بهم

و أحسّني بشقائهم و شقائي


التوقيع:
والقمر في يوم أن هل هلاله فكم من الايام كان بدرا متكاملا مبتسما
رد مع اقتباس