عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 2007-11-02, 12:14 AM
باحث أثار باحث أثار غير متواجد حالياً
عـضـو ذهـبـي
 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
الدولة: في قلب معشوقتي
المشاركات: 1,124

باحث أثار is on a distinguished road
افتراضي


عقود الغلال


هذه العقود هي ما بهرني في هذه الحضارة, فهي الشيء الأهم الذي يدل على أن ثمود كان لهم علم ما, ولعل الأيام تكشف لنا عن علم محير في هذه العقود, ليست هي أكثر من نحت لصفحات الجبال على شكل عقود, مفتوحة على الوادي, والجبل من خلفها, وأمام كل عقد من هذه العقود صخرة بعيدة بعض الشيء عن قاعدته وعلى قاعدة العقد فرشت أعواد يوضع عليها الذرة أو الدخن عند حصاده مباشرة والقصب يحمل السنابل, ويترك إلى أن يجف الحب تماماً, ثم يستخرج الحب بالطرق المعروفة ويوضع في الأكياس, إلى هنا يبدوا الأمر طبيعياً, لا والله ليس طبيعياً فأمطار جبال الغور تأتي فجأة ودون انتظام, وقد تكون خفيفة ولكن الحبوب تتضرر بالمطر, لذلك نحتت ثمود تلك العقود المعجزة.
إن تلك العقود التي ترى مكشوفة لا يصيب المطر من جلس تحتها من أي جهة جاء ولو كان مصحوباً بريح عاصف, ونصفها مكشوف تماماً, ونصفها يحميه الجبل, فهو له كالجدار, والغريب أن الصخرة الموضوعة أمام العقد ترى في العراء والذي يجلس عليها لا يصيبه المطر, فإذا كان الريح عاصفاً بالغ الشدة قد يشعر الجالس فوق الصخرة برذاذ خفيف, على أي حساب عملت تلك العقود؟, هل عرفوا بأي زاوية تنحرف الرياح إذا اصطدمت بالجبل؟, فحفروا في موضع بعينه وبمقدار معين فصار الجزء المنجور في المنطقة الصفر التي لا تمر بها الريح في انحرافها من أي ناحية كان عصفها وهبوبها, وحفر هذه العقود غير غائر ولا عميق, فحافته كحافة العقد في الجدار, والموضع في العين مكشوف, والذي أثار دهشتي أن باطن العقد الضخم الذي في الواديين ليس صخرة واحدة وهو متماسك كالصخرة, فهل كانت ثمود ترش الصخور التي تقطعها بمادة تمنع تهيل تربتها, فيصير التراب والحصى والصخور متماسكة كصخرة واحدة, ليت شركات الطرق تتعلم منها فتمنع تهيل الجبال, وفي الواديين عقد آخر على يمين العقد الكبير يعلوه كثيراً وهو كذلك يمنع وصول المطر إلى قاعدته, وفي قمته الآن ثلمة, وقد سألت عنه فقيل إن الذي يجلس الآن تحته أثناء المطر إذا كان فيه ريح عاصف فإنه يصيبه رذاذ يسير ولم يكن كذلك إلى عهد قريب, فنبهتهم إلى الثلمة, فقالوا: صدقت لم تكن فيه.



عقد الغلال المثلوم "الواديين".
صورة رقم (34)



أكبر عقد غلال, إنه عمل عظيم "الواديين".
صورة رقم (35)



عقدا غلال في بقعة بن فيصل.
صورة رقم (36)

النحت للزينة والجمال

في الطريق إلى الشامية وفي تفرع الوادي, توجد ثلاثة جبال منخفضة متشابهة, شكلاً وصخوراً, لذلك عمد أصحاب تلك الحضارة إلى أوسطها فنحتوه في أشكال تُطيف به في معظم محيطه, كل نحت منها كالحزام, وهم إن لم يكن نـحـتهم له كمعلم يعرف به المتجه إلى الشامية والصادر عنها طريقه, فإنهم نحتوه للجمال ليس إلا, كما نفعل في حضارتنا الحالية من مجسمات وخلافه, ونحت هذا الجبل عمل عظيم وجهد كبير ولا أظنه مجرد عبث, وسوف يشاهد القـارئ فـي الـصـورة الـمـنـشـورة له حجراً في صفحة الجزء المنحوت, ليس من جنس تربته, كأنما طعم به, كتطعيم الحلوى بفاكهة الكرز, لا يمكن الوصول إليه بالتسلق, و أتمنى أن لا يستخدم أحد وسيلة ما للوصول إليه فيعبث به, والنحت في هذا الجبل كأنما تم البارحة, لا أثر فيه للمطر ولا للرياح ولا تهيلت تربته, أليس ذلك محيراً



جانب من الجبل المنحوت جمالياً (في الطريق إلى الشامية).
صورة رقم (37)



هل طُعِّم الجبل بهذا الحجر أم هو متخلف عن النحت؟ (في الطريق إلى الشامية).
صورة رقم (38)


يتبع