مشكور على الموضوع ابوفراس
افضل الصدقة
« أن تتصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى ولا
تمهل حتى إذا بلغت الروح الحلقوم قلت: أتصدق وأنى أوان الصدقة
»12 قلت أتصدق وفي رواية قلت لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان
لفلان يعني يوزع لما أحس بقرب الموت ثم رخصت عنده الدنيا
جعل يتصدق، هذا وإن كانت صدقة يرجى فيها الخير لكنها صدقة
ضعيفة، لأنها صدقة عند ضعف الدنيا عند ضعف التعلق بها
وضعف الإقبال عليها وعندما رخصت عنده، ولهذا جاء في الخبر
عند الترمذي وغيره من حديث أبي الدرداء، ومن حديث أبي سعيد
عن أحدهما أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: « لأن يتصدق الرجل
في حياته وصحته بدرهم خير له من أن يتصدق عند موته بمائة
درهم »13 وفي الحديث الآخر أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: «
مثل الذي يتصدق عند الموت مثل الذي يهدي إذا شبع »14 ولهذا
قال: « أفضل الصدقة أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر
وتأمل الغنى »15 هذا في حال يعني غلاء الدنيا عليه وكونها في
نظره لها قيمة، فلهذا يبين عظم النية في مثل هذا وأثر النية في
مثل هذا لكن بعض الناس ربما أساء في حال صحته وأساء في
حال شدة الأمر عليه فربما أسرف في النفقة في غير وجوه البر كما
يفعل كثير من الناس اليوم يسرف في النفقة يسرف في بعض
الأمور التي قد لا تحمد أو قد تنكر ويبالغ وربما كان على وجه
المباهاة والفخر، ومنه المبالغة في الولائم في النكاح وغيره على
وجه يظهر أنه لا يريد بذلك الخير بل يريد المباهاة والفخر أو لكي
يقال: إن فلانا كريم، وما أشبه ذلك مع أنه لو دُعي إلى مشروع
خيري طلب منه أن يدفع ضعفت نفسه ولم يدفع ولا الشيء اليسير
لكن فيما تشتهيه نفسه وما تحبه لا يبالي يدفع الأموال الكثيرة،
فهذا أساء حينما أسرف في إنفاق الأموال على هذا الوجه، وقد
يكون فيه التبعة الكثيرة ثم يسرف عند شدة مرضه فأساء فيها
فجعل يبالغ في الصدقة مع أنه قد يكون خلفه أولاد ضعفاء أو
محتاجون وجعل يبالغ في العطية والهبة في هذه الحال، فهم
أسرفوا مرتين كما قال الحسن وغيره من السلف في حال صحتهم
وفي حال ضعفهم ومرضهم، والسنة في مثل هذا كما تقدم أن تكون
له نية صحيحة مع ملاحظة وجوه البر والخير نعم.
منقول