الفردوس المفقود
سامحك الله لم أشعر بحسرة مثلما أشعر بها عند ذكر بلاد الأندلس
اسمح لي أخي الكريم أن أفتح الباب لأمير الشعراء فلقد حضر هنا مبكراً وصور صوراً بقلب محترق صاغها شعرا من سينيته الطويلة اخترت منها
رب ليـــــل ســـــريت والبرق طـــرفي*** وبساط طويـــــت والريـــــح عنسي
أنظم الشرق في (الجزيرة) بالـــــغرب *** وأطوي الـــــبلاد حزنـــــاً لـــــدهس
فـــــي ديـــــار من الخـــــلائف درس*** ومـــــنار مـــــن الطـــــوائف طمس
وربى كالـــــجنان في كنف الـــزيتون*** خـــــضر، وفـــــي ذرا الكرم طـــلس
لـــــم يرعـــــني سوى ثرى قــــرطبي*** لمست فيه عــــــــــبرة الدهر خمسي
يـــــا وقى الله مـــــا أصبح مــــــــــنه*** وسقى صــفوت الحيا ما أمــــــــــسي
قرية لا تـــــعد في الأرض كـــــــــانت*** تمسك الأرض أن تمــــــــــيد وترسي
غشيت ســـــاحل المحيط وغــــــــطت *** لجة الروم من شراع وقـــــــــــــــلس
ركب الدهر خـــــاطري فــــي ثراهــــا*** فأتى ذلك الــــــــــحمى بــعد حـــــدس
فتجلت لي القصور ومـــــــــن فيـــــها*** من العــــــــــز في مــــــــــنازل قعس
ســـــنة من كـــــرى وطـــــيف أمـان *** وصــــــــحا القلب مـن ضلال وهجس
وإذا الـــــدار ما بها مـــــن أنيـــــــس*** وإذا القوم ما لــــــــــهم مـــــن محس
ورقيـــــق مـــــن الـــــبيوت عـــــتيق*** جاوز الألف غير مــــــــــذموم حرس
أثـــــر مـــــن (مــحـــــمد) وتـــــراث*** صــــــــار (للروح) ذي الولاء الأمس
بلــــــــغ النجـــــم ذروة وتنـــــاهـــــى*** بين (ثهلان) في الأساس و(قـــــدس)
مـــــرمر تســـــبح الـــــنواظر فـــــيه *** ويطــــــــــــــول المدى عليها فترسي
وســـــوار كأنـــــها فـــــي اســـــتواء*** ألفــــــــــات الوزير في عرض طرس
فـــــترة الدهـــــر قد كست ســـطريها *** مــــــا اكتسى الهدب من فتور ونعس
ويحـــــها! كـــــم تـــــزينت لعلــــــــيم*** واحــــــــــد الدهر واستعـــدت لخمس
وكـــــأن الرفيف فـــــي مسرح العين*** مــــلاء مــــــــــدنرات الــــــــــدمقس
ومكـــــان الكـــــتاب يغـــــريك ريـــــاً*** ورده غــــــــــائباً فــــــــــتدنو للـمس
صـــــنعة (الداخـــــل) المبـــــارك في*** الغـــــرب وآل لـــــه ميامـــين شمس
مـــــن (لحمراء) جـــــللت بغبـــــــــار*** الدهر كالـــــجرح بـــــين بـرء ونكس
كـــــسنا البرق لو مــحا الضوء لحظاً*** لمحتها العـــــيون مـــــن طــول قبس
حصـــــن (غرناطة) ودار بني الأحمر*** مـــــــن غـــــافل ويقـــــظان نـــــدس
جـــــلل الثلج دونـــــها رأس (شيرى)*** فـــــبدا مــــــــــنه في عـصائب برس
ســـــرمد شـــــيبه، ولـــــم أر شـــــيئاً*** قـــــبله يــــــــــرجى البــــقاء وينسي
مشت الحادثات في غرف (الحمراء)*** مــــــــــشي النـــــعي في دار عــــرس
هـــــتكت عــزة الحجـــــاب وفـــــضت*** ســــــــــدة الباب مــــن سمير وأنسي
عـــــرصات تخـــــلت الخــيل عـــــنها*** واســــــــــتراحت من احتراس وعس
ومغـــــان عـــــلى الليالـــي وضـــــاء*** لـــــم تجــــــــــد للــــعشي تكرار مس
لا ترى غـــــير وافدين عـــلى التاريخ*** ساعـــــين فـــي خـــــشوع ونـــــكس
نقلوا الطـــــرف فـــــي نضـــــارة آس*** مـــــن نقــــوش، وفي عصارة ورس
وقبـــــاب مـــــن لازورد وتـــــــــــــب*** ر كالـــــربى الشـــــم بيـــن ظل وشمس
وخطـــــوط تكـــــفلت للمـــــعانــــــــي*** ولألفـــــاظـــــها بـــــأزيـــــن لـــــبس
وتـــــرى مجـــــلس السبـــــاع خـلاء*** مـــــقفر القـــــاع مــــن ظباء وخنس
لا (الثـــــريا) ولا جـــــواري الثريـــــا*** يـــــتنزلن فـــــيه أقـــــمار إنـــــــــس
مـــــرمر قامـــــت الأســـــود عـــــليه*** كـــــلة الظـــــفر ليـــــنات المـــــجس
تنثر المـــــاء في الحـــــياض جمــــاناً*** يـــــتنزى عـــــلى تـــــرائب مـــــلس
آخـــــر العـــــهد بالجزيـــــرة كــــانت*** بـــــعد عـــــرك مــن الزمان وضرس
فتـــــراها تقـــــول: رايـــــة جـــــيش*** باد بالأمـــــس بـــــين أســـــر وحـس
ومفـــــاتيحها مقـــــالـــــيد مــــــــــلك*** بــــــــــاعها الوارث المضــيع ببخس
خـــــرج القــــوم في كـــــتائب صـــــم*** عن حــــــــــفاظ كموكب الدفن خرس
ركـــــبوا بالبـــــحار نعـــــشاً وكـــانت*** تحــــــــــــت آبائهم هي العرش أمس
رب بـــــان لهـــــادم، وجـــــمـــــــوع*** لمـــشت ومحــــــــــسن لمــــــــــخس
إمـــــرة الـــــناس هـــــمة لا تــــــأنى*** لـــــجبــان ولا تســـــنى لــــــــــجبس
يا ديــــــــــاراً نزلت كالخلد ظــــــــــلاً*** وجـــــنى دانياً وســــــــــلسال أنـــس
مـــــحسنات الفـــــصول لا نـاجر فيها*** بقـــــيظ ولا جــــــــــمادى بـــــــقرس
لا تـــــحش العـــــيون فـــــوق ربــاها*** غـــــير حـــــور حــو المراشف لعس
كســـــيت أفـــــرخي بظـــــلك ريـــشاً*** وربـــــا فـــــي ربـــاك واشتد غرسي
هـــــم بـــــنو مـــصر لا الجميل لديهم*** بمضـــــاع ولا الصـــــنيع بـــــمنسي
مـــــن لسان عـــلى ثنـــــائك وقـــــف*** وجـــــنان عـــــلى ولائـــــك حـــــبس
حسبـــــهم هـــــذه الطـــــلول عـــظات*** مــن جـــــديد على الدهـــــور ودرس
وإذا فاتـــــك التفـــــات إلـــى الماضي*** فـــــقد غـــــاب عـــــنك وجه التأسي