![]() |
من المسؤول عن قتل المواهب ، وقفة : ( حينما مات علم الأرصاد الجوية )
:: :: :: :: :: :: https://ubuntuone.com/0gmvWeIscClNWyYRhCCJgf السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. ومبارك عليكم الشهر الفضيل . كعادتي حينما أكتب فإننـي لا أجد القلم يسيل معي حبره إلا فوق صفيح قضية ساخنة يمتد لهبها إلى حبر القلم فيطيع ويكتب . في خضم رحلتي مع الطلبة الموهوبين في قرى أو مدن المملكة ، كانت هناك قصة مع أحد الطلبة الموهوبين ، تلكم القصة آلمتنـي و لازلت أذكرها وأذكر واقعتها حتى اليوم لما فيها من محاولة ذبح للموهبة عمدا بلا شعور . أرسل إلي المسؤول عن رعاية الطلبة المتفوقين في الإدارة التعليمية للمنطقة ( ....... ) رسالة مفادها أن الطالب ( ..... بعمر 17 سنة ) بات ( رسميا ) ضمن المختارين لتكريمهم ضمن المتفوقين على مستوى المنطقة ( ....... ) فليأت به أحد أفراد أسرته أو أحد معلمي أو موظفي المدرسة في الموعد المحدد باليوم والساعة حتى ينال تكريمه على يد : صاحب السمو الملكي الأمير ( ........ ) . تم إرسال رسالة للموظف المختص في الإدارة التعليمية بالشكر والتقدير على ما قاموا به من جهود في تكريم المواهب ، فرد علي بأنه لم يقم إلا بواجب عمله فقط . تم إخطار أسرة الطالب بموعد التكريم فازدادوا فرحا وسرورا بذلك . وازداد الطالب المثابر والمتفوق فرحا هو الآخر ، فالتكريم سيكون على مرأى وسائل الإعلام المختلفة ليرى الناس ويعرفوا أنه مبدع ومتفوق على الظروف الصعبة والقاسية التي كانت تسكن معه في مفازات تخلو من البشر . لم يجد الطالب أحدا يوصله لموقع حفل التكريم ، فأخطرتنـي المدرسة بضرورة إيصال الطالب من موقعه في القرية إلى موقع التكريم والذي يقارب مجموع مسافة بعده أكثر من 400 كلم ؛ كونك أنت أستاذه ومعلمه القريب منه . توكلت على الله ... وتم الاتفاق مع الطالب المبدع على موعد السفر للذهاب لحفل التكريم في تلك المدينة . تم الانطلاق بالطالب المبدع من جوف صحرائه مفعما بروح السعادة والتفاؤل ، يحمل معه عطرا صغيرا ، قلت له ممازحا متبسما : من أين لك هذا العطر يا فلان .. هاه ! فضحك وقال : استعرته من أخي ! ودار الحديث بينـي وبينه خلال الرحلة عن الطموحات وعن التكريم ، وذكر لي بأنه أخبر والدته الكبيرة في السن حيث تود هي أن تراه مكرما محملا بالهدايا ، وهي فرحة كثيرا وتنتظر قدومه . هذا الطالب : يتيم . يتيم عزة وإبداع وتفوق وصلابة . حفظه الله وبارك فيه لأمته الإسلامية . ونحن في الطريق لما أقبلنا بقليل على موقع الحفل ، اتصلت على المسؤول عن رعاية الطلبة المتفوقين والمبدعين في الإدارة التعليمية ، فرحب بي وحيا ، قلت له : أين آتي بالطالب ، فأنا قريب منكم الآن ؟ فقال لي : أي طالب ؟ قلت : فلان بن فلان . تنهد قليلا ثم قال : للأسف تم حذف اسمه من قائمة الطلبة المكرمين في الحفل ، للأسف الطالب فلان ليس ضمن الطلبة المكرمين حاليا ! ذهلت وصدمت ! وقلت صاخبا بصوت عال ومفاجئ : وما السبب ! ولماذا هذا الوقت بالتحديد ! قال رافعا صوته : لا أدري ! ولكن تم وضع طلاب آخرين مكانه ! أنا فقط رجل مأمور ! كان الطالب بجواري ممسكا بعطره فاعتصره بين يديه .. علم بالأمر فأرخى رأسه لسيف الألم . وقال لي بهدوء : ارجع يا أستاذ ... ارجع .. انتهى الأمر ! وسكت . أوقفت السيارة بجوار الطريق وتحدثت مع المسؤول حديثا صاخبا عن الخوف من الله لما تسببه فعلتهم الشنعاء في هذا الإنسان وفيمن حوله ، ما ذنبه حتى يجابه بهذا العمل وفي هذا الوقت بالتحديد ! انتهت المكالمة على لا شيء ! فقد انتهى الأمر وطبعت شهادات الشكر والتقدير والتكريم دون اسم الطالب المبدع . توقفت كثيرا ... صامتا ... لا أنظر إلى الطالب ولا أستطيع من هول الصدمة سوى إلقاء النظر إلى الأسفل مستذكرا في خاطري أن أهله وزملاءه والمدرسة والكل ينتظره غدا محملا بالهدايا ، ليكرم أمامهم في الطابور الصباحي ، فهو من المتفوقين على مستوى المنطقة وليس على مستوى مدرسته فقط ويستحق الكثير . لكن ! رفعت رأسي إليه أخيرا وعينه لا تقع على عينـي من ألمه الذي يحشرج في صدره ، وقلت له بصوت خافت : يا ( ..... ) لقد أصيب محمد صلى الله عليه وآله وسلم في نفسه أعظم من هذا المصاب ولم يجزع أبدا ، وها هو الإسلام في كل أرض يصدح بالحق . وأخذت أحثه على الصبر والوقوف بقوة أمام كل شيء وأذكره بالمواقف الكثيرة التي مرت به وصبر وتجاوزها ، وأقول له مذكرا له : لاتنس يا ( ..... ) أنك وصلت إلى ضمن أفضل الطلاب على مستوى المملكة في علوم الروبوت الإلكتروني بجدارة . قصصت عليه قصص الأنبياء عليهم السلام قائلا له : لن تجد في الأرض خيرا منهم . وقد عذبوا وواجههم قومهم بأعظم مما جوبهت اليوم به ، وصبروا حتى ظفروا بأغلى شيء وهو : الجنة . إنك وإن كنت محاربا فتذكر أن الهدف والثمن الأخير إنما هو : الجنة . إننـي حينما أتذكر هذه الواقعة التي وفق الله الطالب لتجاوز تبعاتها وعثراتها ؛ أبارك اليوم له قرب تخرجه من إحدى الجامعات في أوروبا طبيبا بعد أشهر قلائل قادمة بمشيئة الله ، ممضيا سنوات طويلة مضنية من دراسة الطب والتحدي في بلاد الغربة ، ليحمل معه مشاعل العلم والأمل عائدا بها لوطن كاد أن يقتله في مهده وهو أحوج ما يكون إليه . وإننـي في شوق لرؤيته بعد تلك المواقف عالما في الطب ينصر الله به الحق بالحق . لأذكره بذاك الموقف ليعاين فضيلة الصبر بنفسه . إن هذه الواقعة أراها في السنوات الأخيرة تختزل تماما ما يحدث لعلم الأرصاد الجوية بكافة أفرعه العلمية في المملكة العربية السعودية من قسر وعسر وتضييق يصل إلى القتل لهذا العلم ووأده بين الأحياء . وأنا إذ أطرح هذا الأمر عليكم لا أريد أن أستنزف دمعة من أعينكم .. أو غضبة من غضباتكم .. لا .. فالأمة بها من الألم ما الله به عليم ، ألما أرجو من الجميع أن يوقعوه على الأمل بالله جل في علاه ليصبح جهادا في الحق . لكننـي أطرحه متسائلا عن : من المسؤول عن قتل المواهب لدينا ؟ لماذا الخوف من التفوق والإبداع خصوصا وأن الإبداع مأطور بأطر الشريعة الغراء ؟ لماذا هذه الحرب على المتفوقين والموهوبين في أي مجال ... لمَ ؟ خصوصا وأنهم على الحق وليسوا على الباطل ! هل هو الخوف من أن يبرزوا في مجالهم الذي هم يصارعون البقاء أحياء فيه ! أهو الخوف على الأسطورة التي يسوق لها أصحابها وتمتلئ أرصدتهم من المشجعين بسببها ؟ أهو حب النفس حبا يتجاوز إلى حرمان الآخرين حق امتلاك الإبداع والتفوق . أهو استغفال لعقل المجتمع باحتكار عقله وصياغته وفقا لأساطير : الأنا المتضخمة كتضخم الربى في حسابات المرابين ! أهو استبداد ووصاية حتى على المبدع نفسه الذي يريد أن يساهم بعلمه وإبداعه في رفعة أمته ؛ يريد مساحة من التنفيذ لتفوقه لا مساحة من التضييق والتفنيد ! أهو تخلف عن ركب العلم الصحيح ، وسلوك يمارسه هؤلاء على المجتمع كي يبقوا المجتمع على أساطير الأولين التي نهى عنها الإسلام وجاء بمحاربتها ! أهو حب سكب الدم على الشفاه المتبسمة ، كي تبقى حزينة بائسة يتيمة مدى الدهر كئيبة ! أهو قتل للجرأة في نفوس الأجيال لتحيا الأجيال على الخنوع والاستسلام لكل جاهل يجهل أي تخصص كان ، فلا تستطيع القول له : أنت مخطئ ! خوفا من الخطأ ومن صاحب الخطأ ! لكن وعلى الرغم من ذلك ... إننـي وأنا أرى المستبدين في العالم من حولنا يتساقطون الواحد تلو الآخر حامدا الله على ذلك ؛ لأحس في يدي حرارة النصر والحق مقبلا للمؤمنين الصادقين تشرق شمسه عبر نشر العلم بين الناس ، كي يتفكروا في ملكوت الله وفي أن أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم هي أمة : العلم الأصيل والتدبر . أمة ثقفت رماحها في الحروب كي تنتصر فانتصرت زمنا طويلا ولم تخضعها الخطوب . مؤمنا إيمانا عميقا أن الله سيقيض لهذه الأمة وهذا البلد من ينشر العلم الذي اختطفته أياد كثيرة ما أحسنت أخذه أو ما رفقت به أو ما عملت به أو ما دعت إليه ، بل أضافت إليه ما ليس منه ، ناشرة فيه الضوضاء لا الضياء والبلاء لا البناء تارة وتارة . قد طال جهل المجتمع السعودي في علم الأرصاد الجوية زمنا طويلا ؛ جهل أسبابه كثيرة مجملها تقع على عاتق المتخصصين الخاملين أو المتراخين أو المشغولين عن نصرة هذا المجال الذي دخل منه الدخلاء على المجتمع ليجعلوا من المجتمع باحثا عن الأسطورة . ففي خضم بحث الأمم عن العلم وتحقيق الإنجازات والإبداعات العلمية التي تدعم قوتهم ونضارة العلم عندهم وترفع من مستوى أجيالهم وأوطانهم يضيفونها إلى عقائدهم أيا كانت يسيرون رؤوسهم في العلياء ، إذا بنا نبحث نحن العرب في تقويم فلكي أو كتاب أو مقالة أو رسالة أو ندوة عن موافقات تحدث بين نجم في السماء وحشرة تسير على الأرض ، أساطير حاربها الإسلام منذ ظهوره ، باتت اليوم صورة ينقلها قوم على أنها هي الصورة الحضارية لثقافة الأرصاد الجوية في المملكة العربية السعودية ، تنشر في الصحافة الرسمية للمملكة على أنها إرث مشرق ! آه .. تحشرج في صدري .. فقلت كفى ! أختتم هذا الأمل الذي أدعو الله في هذا الشهر الفضيل من يبعثه من جديد راجيا ألا يكون قد حار ألما لا أملا ؛ أختتم بطالب في عمر الزهور لم يتجاوز عمره العشر سنوات ، استوقفنـي يوما من الأيام وأنا خارج من العمل وقال لي في صراحة وبراءة الأطفال : أصحيح يا أستاذ أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال بأن الله يبعث لهذه الأمة من يجدد دينها على رأس كل مائة عام ؟ قلت نعم ذلك صحيح . لكن ما عندك ؟ لماذا تسأل يا بطل ! قال عن نفسه : أرجو من الله أن أكون أنا هو يا أستاذ ، لأننـي ولدت على رأس المائة عام . حلم جميل مليء بسمو وعزة أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وأجمل ما في هذا الأمل هو البراءة التي اتخذت من السنة النبوية جوادا ترحل عليه نحو السمو برسالة السمو ( الإسلام ) . قلت له : إذن فاثبت ولا ترحل فإن أستاذك رحل ولم يثبت . وما دام أن الفجر يطرد الظلام ... لا زال للحق بقية ! |
يعطيك الف الف الف عافيهـ
|
تسائلات لا ينظر إليها ولا يعرفها المجتمع ككل
تسائلات لا تنظر إليها ولا تعرف قيمتها الأسرة تسائلات لا ينظر إليها ولا يعرف قيمتها المتعلم منا تسائلات لا ينظر إليها ولا يعرف قيمتها المختص لذلك تموت المواهب في مجتمعنا بارك الله فيك أخي خالد وسدد على طريق الخير خطاك |
الله يعطيك العافيه أخي خالد العتيبي
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية . |
الله يعطيك العافيه أخي خالد العتيبي
|
بارك الله فيك اخي الغالي
يعطيك العافية |
كلام رائع أخي الأستاذ خالد
|
بارك الله فيك خبيرنا خالدعلى الطرح المميز والرسالة ان شاء الله تكون وصلت
|
تسلم اخي الغالي
على الموضوع |
كلام رائع ومخاطبه رائعه في ايصال ما تريد ان توصله باسلوب الجميل
الحقيقه ان ماتفضلت لازلنا نعايشه على ارض الواقع فالمسؤل عن قتل المواهب هو حب الانا وتجاهل مجهودات المبدعين والمهتمين في شتى مجالات بغض النظر عن مجال معين فالمعاهد المتخصصه لم تفتح الباب امام الهواة الذين لديهم انتاج ولم تستفيد من امكانياتها ولم تستفيد من الخبرات الشخصيه التي يحملها المطورين والهواة نعم هناك من يرى ان لديه شهادة كبيرة وتخصص ويرى ان البقيه اقل منه علم ونسي ان حب الاستطلاع وممارسة مجال يميل له الشخص تولد اكتساب خبرة بعيد عن التحصيل العلمي تتجاوز مايحمله اصحاب التخصصات ولكن حتى لايكون اعتراف التقصير من قبل تلك المعاهد فانهم سيحاولون اطفاء نور ذلك الشخص الذي استفاد من ممارسة خبراته المكتسبه لذلك سيبقى موال قتل المواهب مستمر طالما لم نحترم اصحاب تلك المواهب ونشد على ايدي اصحابها بالدعم بقدر المستطاع شكراً استاذي القدير |
الساعة الآن 09:40 PM |
Powered by vBulletin .
جميع الحقوق محفوظة © لشبكة ومنتديات البراري 2010