رثاء الأندلس - أبو البقاء الرندي الأندلسي
رثاء الأندلس
أبو البقاء الرندي الأندلسي ------------------------------------------------------------------------------------------ لكل شيء إذا ما تم نقصان *** فلا يغر بطيب العيش إنسان هي الأمور كما شاهدتها دولٌ *** من سرَّهُ زمنٌ ساءته أزمانُ وهذه الدار لا تبقي على أحد *** ولا يدوم على حال لها شانُ يمزق الدهر حتمًا كل سابغةٍ *** إذا نبت مشرفيات وخرصان وينتضي كل سيف للفناء ولو *** كان ابن ذي يزن والغمد غمدان أين الملوك ذوو التيجان من يمنٍ *** وأين منهم أكاليلٌ وتيجانُ وأين ما شاده شدَّادُ في إرمٍ *** وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ وأين ما حازه قارون من ذهب *** وأين عادٌ وشدادٌ وقحطانُ أتى على الكل أمر لا مرد له *** حتى قضوا فكأن القوم ما كانوا وصار ما كان من مُلك ومن مَلك *** كما حكى عن خيال الطيفِ وسنانُ دار الزمان على دارا وقاتله *** وأمَّ كسرى فما آواه إيوانُ كأنما الصعب لم يسهل له سببُ *** يومًا ولا مَلك الدنيا سليمان فجائع الدهر أنواع منوعة *** وللزمان مسرات وأحزانُ وللحوادث سلوان يسهلها *** وما لما حل بالإسلام سلوانُ دهى الجزيرة أمرٌ لا عزاء له *** هوى له أحدٌ وانهد نهلانُ أصابها العينُ في الإسلام فارتزأتْ *** حتى خلت منه أقطارٌ وبلدانُ فاسأل بلنسيةَ ما شأنُ مرسيةٍ *** وأين شاطبةٌ أمْ أين جيَّانُ وأين قرطبةٌ دارُ العلوم فكم *** من عالمٍ قد سما فيها له شانُ وأين حمصُ وما تحويه من نزهٍ *** ونهرها العذب فياض وملآنُ قواعدٌ كنَّ أركانَ البلاد فما *** عسى البقاء إذا لم تبقى أركان تبكي الحنيفيةَ البيضاءَ من أسفٍ *** كما بكى لفراق الإلف هيمانُ حيث المساجدُ قد أضحتْ كنائسَ ما *** فيهنَّ إلا نواقيسٌ وصلبانُ حتى المحاريبُ تبكي وهي جامدةٌ *** حتى المنابرُ ترثي وهي عيدانُ يا غافلاً وله في الدهرِ موعظةٌ *** إن كنت في سِنَةٍ فالدهر يقظانُ وماشيًا مرحًا يلهيه موطنهُ *** أبعد حمصٍ تَغرُّ المرءَ أوطانُ تلك المصيبةُ أنْسَتْ ما تقدَّمها *** وما لها مع طولَ الدهرِ نسيانُ يا راكبين عتاقَ الخيلِ ضامرةً *** كأنها في مجال السبقِ عقبانُ وحاملين سيوفَ الهندِ مرهقةُ *** كأنها في ظلام النقع نيرانُ وراتعين وراء البحر في دعةٍ *** لهم بأوطانهم عزٌّ وسلطانُ أعندكم نبأ من أهل أندلسٍ *** فقد سرى بحديثِ القومِ ركبانُ كم يستغيث بنا المستضعفون وهم *** قتلى وأسرى فما يهتز إنسان لماذا التقاطع في الإسلام بينكمُ *** وأنتمْ يا عباد الله إخوانُ ألا نفوسٌ أبيَّاتٌ لها هممٌ *** أما على الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ يا من لذلةِ قومٍ بعدَ عزِّهُمُ *** أحال حالهمْ جورُ وطغيانُ بالأمس كانوا ملوكًا في منازلهم *** واليومَ هم في بلاد الضدِّ عبدانُ فلو تراهم حيارى لا دليل لهمْ *** عليهمُ من ثيابِ الذلِ ألوانُ ولو رأيتَ بكاهُم عندَ بيعهمُ *** لهالكَ الأمرُ واستهوتكَ أحزانُ يا ربَّ أمٍّ وطفلٍ حيلَ بينهما *** كما تفرقَ أرواحٌ وأبدانُ وطفلةٍ مثل حسنِ الشمسِ *** إذ طلعت كأنما ياقوتٌ ومرجانُ يقودُها العلجُ للمكروه مكرهةً *** والعينُ باكيةُ والقلبُ حيرانُ لمثل هذا يذوبُ القلبُ من كمدٍ *** إن كان في القلب إسلامٌ وإيمانُ |
شكرا على اختيارك لهذه الابيات الممتازة جدا
|
شكرااااااااااااااااااا جزيلااااااااااااااااااااااا على المشاركة 000000
|
الساعة الآن 05:55 AM |
Powered by vBulletin .
جميع الحقوق محفوظة © لشبكة ومنتديات البراري 2010