أبا محمد
2012-11-02, 04:31 PM
صلة الرحم والتواصل الاجتماعي
د. سعيد بن قاسم المالكي
أتذكر عندما كنتُ صغيراً، وفي حضرة والدي - رحمه الله - أن أفراد الأسرة الواحدة يجتمعون فيما بينهم، وتُعقد بينهم زيارات مستمرة وتواصل دائم؛ فكبير الأسرة له مكانته واحترامه من جميع أفراد البيت الواحد؛ حيث كانوا يجلونه، ويطيعونه، ويأتمرون بأمره، ويسمعون نصحه في سبيل الحفاظ على الترابط الأسري؛ ومن أجل تقوية أواصر المحبة وصلة الرحم فيما بينهم.
أما في وقتنا الحاضر فنجد أن هناك فجوة بين أفراد الأسرة الواحدة، وأصبحت هناك تجمعات مصغَّرة، تضم عدداً أقل من أفراد الأسرة الكبيرة، وأثر ذلك في صلة الرحم والأقارب.
والمتفكر في هذا الأمر الخطير على صلة الرحم والأقارب والتواصل الاجتماعي نجد أن له أسبابه، من ضمنها الجهل بأهمية صلة الرحم والأقارب والتواصل الاجتماعي بين أفراد الأسرة الواحدة، وظهور بعض الخلافات الأسرية، وسوء الفهم بين أفرادها. هذان السببان قد يكونان السائدين والمعروفين في مجتمعاتنا، لكن - في اعتقادي - هناك أسباباً أخرى لا يقل أثرها عن السببين السابقين، منها:
- أن الأسرة الواحدة كثر عددها، وتفرعت إلى أُسر داخل أسرة كبيرة "أم"، وفي هذه الحالة يرى الكثير أنه من الصعب التواصل فيما بينها، عكس ما كان في الماضي عندما كانت الأسرة الواحدة لا تتعدى عدد أصابع اليد من الأفراد، بينما نجد في وقتنا الحاضر أن هذا العدد قد تضاعف عشرات المرات.
- من ضمنها أن الأسرة الواحدة التي كان يمثلها في السابق فرد من أفراد الأسرة "الأم" أصبح هو كبير أسرته، وأصبح لديه من الأبناء والأحفاد ما يغنيه أو يشغله عن غيره.
- كذلك نجد أن المدنية وتحسُّن المستوى المعيشي للفرد عكس ما كان عليه في السابق أثَّرا في تفكك الأسرة الواحدة؛ حيث إن بعض أفراد الأسرة الواحدة يرى أنه مستغنٍ عن غيره، ولا يرى أن هناك داعياً أو حاجة في التواصل مع أفراد أسرته "الأم"؛ كونه في غنى عنهم، وغير محتاج لأحد.
- كذلك تفشي الغيبة والنميمة والوشاية بين أفراد الأسرة الواحدة؛ حيث نجد أنها قد تكون سبباً مؤثراً في تفكك الأُسر؛ ما يؤثر ذلك في صلة الرحم والتواصل الاجتماعي بين أفرادها.
وعلى الرغم من تأثير هذه الأسباب في تفكك الأسرة الواحدة إلا أنه يجب علينا ألا نستسلم لها، وألا نجعلها عذراً لتفكك أسرنا أو تجاهل أهمية صلة أرحامنا وأقاربنا والإحسان والبر بهم، بل يجب أن نقتدي بسيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلة الرحم والأقارب وحب التواصل الاجتماعي على مستوى الأسرة الواحدة، ولو كانت الأسرة الواحدة كبيرة فكِبَر الأسرة شيء إيجابي ومفيد.
فعن عبدالرحمن بن عوف - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: قال الله: "أَنَا الرَّحْمَنُ وَهِيَ الرَّحِمُ، شَقَقْتُ لَهَا اسْمًا مِنَ اسْمِي، مَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَهَا بَتَتُّهُ".
وبَشَّرَ الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - الذي يَصِلُ رحمه بسعة الرزق والبركة في العمر؛ فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ؛ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ".
وعن جبير بن مطعم - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لاَ يَدْخُلُ الْـجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ". وفسِّر بقطع الرحم هنا بأنه من ترك الصلة والبر بالأقارب.
في الختام، أنصح نفسي وإياكم بصلة أرحامنا وأقاربنا ومن له حق علينا، ونحتسب الأجر في ذلك، وأدعو كبير كل أسرة في مجتمعاتنا بأن يسعى جاهداً في لمّ شمل أسرته ولو "كبرت"، وذلك في اجتماع يضم جميع أفراد أسرته، شهرياً أو نصف سنوي أو سنوياً، ويبتغى بذلك وجه الله عز وجل؛ وذلك لما له من فوائد كثيرة وإيجابية، منها صلة الرحم والأقارب وتقوية أواصر الأخوَّة والمحبة والألفة بين أفراد البيت الواحد.
د. سعيد بن قاسم المالكي
أتذكر عندما كنتُ صغيراً، وفي حضرة والدي - رحمه الله - أن أفراد الأسرة الواحدة يجتمعون فيما بينهم، وتُعقد بينهم زيارات مستمرة وتواصل دائم؛ فكبير الأسرة له مكانته واحترامه من جميع أفراد البيت الواحد؛ حيث كانوا يجلونه، ويطيعونه، ويأتمرون بأمره، ويسمعون نصحه في سبيل الحفاظ على الترابط الأسري؛ ومن أجل تقوية أواصر المحبة وصلة الرحم فيما بينهم.
أما في وقتنا الحاضر فنجد أن هناك فجوة بين أفراد الأسرة الواحدة، وأصبحت هناك تجمعات مصغَّرة، تضم عدداً أقل من أفراد الأسرة الكبيرة، وأثر ذلك في صلة الرحم والأقارب.
والمتفكر في هذا الأمر الخطير على صلة الرحم والأقارب والتواصل الاجتماعي نجد أن له أسبابه، من ضمنها الجهل بأهمية صلة الرحم والأقارب والتواصل الاجتماعي بين أفراد الأسرة الواحدة، وظهور بعض الخلافات الأسرية، وسوء الفهم بين أفرادها. هذان السببان قد يكونان السائدين والمعروفين في مجتمعاتنا، لكن - في اعتقادي - هناك أسباباً أخرى لا يقل أثرها عن السببين السابقين، منها:
- أن الأسرة الواحدة كثر عددها، وتفرعت إلى أُسر داخل أسرة كبيرة "أم"، وفي هذه الحالة يرى الكثير أنه من الصعب التواصل فيما بينها، عكس ما كان في الماضي عندما كانت الأسرة الواحدة لا تتعدى عدد أصابع اليد من الأفراد، بينما نجد في وقتنا الحاضر أن هذا العدد قد تضاعف عشرات المرات.
- من ضمنها أن الأسرة الواحدة التي كان يمثلها في السابق فرد من أفراد الأسرة "الأم" أصبح هو كبير أسرته، وأصبح لديه من الأبناء والأحفاد ما يغنيه أو يشغله عن غيره.
- كذلك نجد أن المدنية وتحسُّن المستوى المعيشي للفرد عكس ما كان عليه في السابق أثَّرا في تفكك الأسرة الواحدة؛ حيث إن بعض أفراد الأسرة الواحدة يرى أنه مستغنٍ عن غيره، ولا يرى أن هناك داعياً أو حاجة في التواصل مع أفراد أسرته "الأم"؛ كونه في غنى عنهم، وغير محتاج لأحد.
- كذلك تفشي الغيبة والنميمة والوشاية بين أفراد الأسرة الواحدة؛ حيث نجد أنها قد تكون سبباً مؤثراً في تفكك الأُسر؛ ما يؤثر ذلك في صلة الرحم والتواصل الاجتماعي بين أفرادها.
وعلى الرغم من تأثير هذه الأسباب في تفكك الأسرة الواحدة إلا أنه يجب علينا ألا نستسلم لها، وألا نجعلها عذراً لتفكك أسرنا أو تجاهل أهمية صلة أرحامنا وأقاربنا والإحسان والبر بهم، بل يجب أن نقتدي بسيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلة الرحم والأقارب وحب التواصل الاجتماعي على مستوى الأسرة الواحدة، ولو كانت الأسرة الواحدة كبيرة فكِبَر الأسرة شيء إيجابي ومفيد.
فعن عبدالرحمن بن عوف - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: قال الله: "أَنَا الرَّحْمَنُ وَهِيَ الرَّحِمُ، شَقَقْتُ لَهَا اسْمًا مِنَ اسْمِي، مَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَهَا بَتَتُّهُ".
وبَشَّرَ الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - الذي يَصِلُ رحمه بسعة الرزق والبركة في العمر؛ فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ؛ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ".
وعن جبير بن مطعم - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لاَ يَدْخُلُ الْـجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ". وفسِّر بقطع الرحم هنا بأنه من ترك الصلة والبر بالأقارب.
في الختام، أنصح نفسي وإياكم بصلة أرحامنا وأقاربنا ومن له حق علينا، ونحتسب الأجر في ذلك، وأدعو كبير كل أسرة في مجتمعاتنا بأن يسعى جاهداً في لمّ شمل أسرته ولو "كبرت"، وذلك في اجتماع يضم جميع أفراد أسرته، شهرياً أو نصف سنوي أو سنوياً، ويبتغى بذلك وجه الله عز وجل؛ وذلك لما له من فوائد كثيرة وإيجابية، منها صلة الرحم والأقارب وتقوية أواصر الأخوَّة والمحبة والألفة بين أفراد البيت الواحد.