بقآيآ .. حرف
2012-02-24, 11:14 PM
http://2.bp.blogspot.com/_auaBVJAlRX4/TRsrBOOgWKI/AAAAAAAAAFk/nn7qLHR0rrY/s320/3489211285_343df29c76_o.jpg (http://2.bp.blogspot.com/_auaBVJAlRX4/TRsrBOOgWKI/AAAAAAAAAFk/nn7qLHR0rrY/s1600/3489211285_343df29c76_o.jpg)
في ليلة من ليالي الشتاء الباردة هطلت الأمطار بغزارة أغرت عثمان بالخروج من البيت والسير في طرقات المدينة فلم يرى أمطارًا بهذه الغزارة منذ مدة طويلة ...كم يعشق عثمان المطر ,يفرح به كالأطفال وأحيانًا يخجل من طغيان شعوره هذا خاصة عندما يلاحظه الآخرون ,أما والآن فالظلام يلفه والشارع تقريبًا يخلو من المارة فلا داعي لأدنى خجل الأمر يبدو وكأن الدنيا كلها ملكه وتحت تصرفه ,وفي غمرة فرحته لمح طيف رجل تتسارع خطواته وتتخللها لفتات وكأنه يحاول أن يتخفى منه ,غلب عليه فضوله وأراد أن يكتشف حقيقته ,حاول وبكل جهد أن يلحق به لكنه تعثر وسقط ...ابتلت ملابسه بمياه الأمطار التي تغمر الشارع ,لم يبدو الأمر مزعج لهذه الدرجة أو حتى مؤلم فأمر ذلك الطيف سيطر على تفكيره وأشغله فسارع لينفض عنه ما علق بملابسه من تراب وأشياء أخرى .
وفي غمرة إنشغاله تبرق ذكرى للحظة فيرفع بصره وكأنه يرى ذلك اليوم , يوم أن تجاهل صوت والدته عندما شاهدته يرقص تحت المطر ,لم يكن هناك من هو أسعد منه لكنه سقط في الوحل وأسرعت أمه تنفض عنه ماعلق بملابسه من تراب وهو يبكي وتحتضنه ليتحول غضبها إلى حب واهتمام واحتواء ,الأمر مختلف الآن فهو يكتم ضحكة داخله تذكره بالولد الشقي الذي أنسته فرحته الحرص والإنتباه لخطواته وألهته عن أن يستجيب لنداء والدته ......ولم يعد ذلك الولد الشقي لكنه تصرف بشقاوة الأطفال ولم يراعي سنه المتقدمة وثقل قدماه ...روح فتية وإن تعب الجسد وصار في طريقه إلى الضعف .
على كل الأمر مختلف الآن .... فلم يفكر بالبكاء عندما سقط ليس لأنه كبير في السن , لم يبكي لأنه لن يجد من يحتويه عندما يتألم .....لا قلب في العالم مثل قلب أمه أو حتى يشابهه لذا فمن العبث أن يطيل الإنتظار أو يغرق في بحر شعوره بالألم , أسرع ليلملم الموقف بأكمله وينهيه بلحظته وتابع سيره ,تذكر أثناء سيره أنه لم يضعف عندما ضعف الآخرو ن ولم يتخاذل أو يقصر في واجبه عندما قصروا ...ظل معتمداً على نفسه حاملاً همه على كتفه لم يرغب في أن يثقل به كتف الآخرين ولو لبرهة ليرتاح ...لا شيئ في حياته يعادل الوضوح والصدق ولا يحب المزح فيهما بأي شكل من الأشكال ماض فيهما لدرجة الجمود ,إن كات المرونة تتطلب شيئ من الهزل وقليل من الكذب فهو حتمًا (جامد) .
هكذا قيل له مراراً وتكراراً مع ذلك لم يهتم لأمرهم وإن أحزنه ذلك اللقب بعض الشيئ ,لم يستطع إلا أن يكون صادقاً وجاد في كل أموره فإن كان هذا عيب فهو أحد عيوبه ..........تذكر كل ذلك وهو يتبع ذلك الطيف ببصره ,يلاحظه وهو يراوغ بين الحارات ولا يظهر إلا طرفًا منه في كل مرة يلمحه بها ,أتعبه السير وفكر بالتوقف ...بدا الأمر وكأن ذلك الطيف سيفلت ويضيع منه لكن ما جدد الأمل في نفسه وجعله يستعيد قوته أن الطيف وصل لطريق له نهاية واحدة .....طريق مسدود ولن يستطيع ذلك الرجل أن يفلت منه ,سيواجهه سيعرف حقيقته, ستكتمل المعرفة لديه .
نهاية الطريق قدمت له الصورة الواضحة التي أراد أن يحصل عليها ووفرت له الإجابة الصحيحة لسؤاله وخدمته ,أحيانًا تكون النهايات هي أفضل ما يحدث لنا وأحيانًا البدايات تمامًا كالمطر الذي سحبه للشارع ليرى الرجل ويلاحق طيفه والحقيقة الكاملة أن كل ما يحدث لنا خير ........لم ؟ لأنه تقدير من الله سبحانه وتعالى .
تابع عثمان خطواته لكن هذه المرة بتثاقل كمن يترقب و يتوقع مفاجأة غير مريحة ,مازال المطر يتساقط والرعد يقصف ليزيد من قوة ورهبة الموقف ورغم خوفه إلا أنه اقترب أكثر فأكثر وبعد أن كاد يصل ليتعرف على ملامح الرجل أبرقت السماء ليكتشف أن لا رجل هناك .....إنه طيف فقط طيف ....فزع من هول الموقف ,لقد كان خائف من أن يكون الرجل عدو لكن على الأقل رجل لكنه صدم بطيف فكيف يتعامل معه؟
أهو حلم أم حقيقة ؟ أيشبه الأمر قصور من الرمال؟ لا الأمر ليس حتى كذلك ,على الأقل الرمال حقيقية وإن كانت واهنة .
وتكلم الطيف وكان فصيحاً :.....لقد كانت خطواتك ضعيفة ولك قلب رقيق واضح كالطفل والوضوح أصبح الآن صورة قديمة كالصرح القديم لا يصلح للسكن ......اليوم الحقائق تزيف والمواقف تزيف والشعور يزيف وقد زيفت حقيقتي كالآخرين وأنت لا تعرف كيف تتعامل مع الزيف ,مع الزيف تموت الحكمة والحقيقة ,لقد اعتمدت يا صاحبي على شيئ لم يعد في عداد الأحياء وهناك الكثير من الناس من يمثلون الحقيقة وأنا نقطة في بحرهم ,اعتمدت أنا على الغموض وكان لك فضول أدركت به حقيقتي لكنني كما قلت لك جزء من بحر يغمرك ,وهناك آخرون يحملون معهم الضباب والوضوح ليربكوك فلا تحتار بعد اليوم ......قد أدركت الحقيقة .
أدار عثمان ظهره للطيف وأسلم نفسه للأمطار لتغسل كل ذرة فيه وتنقيها من بقايا صدمته ناداه الطيف .....عثمان ...عثمان ألا تريد أن تعرف مني المزيد؟
لا قد اكتفيت أجاب عثمان .
ألا ترغب في أن تكون صديق فقط صديق ؟
لم يلتفت عثمان فلم يعد الأمر يستحق حتى إلتفاتة لقد تغير عالم بأكمله .....أدرك أن كل خطواته من البداية عبث مجرد عبث و ما كان ليخطوها لو أنه علم بحقيقة الطيف ,ما أكثر الأطياف في حياتنا تظن لوهلة أنها حقيقية ربما لأنها تبدو كذلك ويوم أن يسلط عليها موقف ما الضوء تختفي وتنساب كما ينساب الماء من بين الأصابع لتدرك أن يدك خالية ونفسك أكثر خواء .
قال عثمان في نفسه ( قد تعلمت الدرس .....وقد أبدع من إمتهن الخديعة ) هي فعلاً خديعة ضربة أفادت وإن آلمت لكنها قتلت الطيف في نفسي فلم يعد حتى مرئي أما عنه فهو يدرك أنه مجرد طيف لا أكثر وهذا يكفي .
م / ن
في ليلة من ليالي الشتاء الباردة هطلت الأمطار بغزارة أغرت عثمان بالخروج من البيت والسير في طرقات المدينة فلم يرى أمطارًا بهذه الغزارة منذ مدة طويلة ...كم يعشق عثمان المطر ,يفرح به كالأطفال وأحيانًا يخجل من طغيان شعوره هذا خاصة عندما يلاحظه الآخرون ,أما والآن فالظلام يلفه والشارع تقريبًا يخلو من المارة فلا داعي لأدنى خجل الأمر يبدو وكأن الدنيا كلها ملكه وتحت تصرفه ,وفي غمرة فرحته لمح طيف رجل تتسارع خطواته وتتخللها لفتات وكأنه يحاول أن يتخفى منه ,غلب عليه فضوله وأراد أن يكتشف حقيقته ,حاول وبكل جهد أن يلحق به لكنه تعثر وسقط ...ابتلت ملابسه بمياه الأمطار التي تغمر الشارع ,لم يبدو الأمر مزعج لهذه الدرجة أو حتى مؤلم فأمر ذلك الطيف سيطر على تفكيره وأشغله فسارع لينفض عنه ما علق بملابسه من تراب وأشياء أخرى .
وفي غمرة إنشغاله تبرق ذكرى للحظة فيرفع بصره وكأنه يرى ذلك اليوم , يوم أن تجاهل صوت والدته عندما شاهدته يرقص تحت المطر ,لم يكن هناك من هو أسعد منه لكنه سقط في الوحل وأسرعت أمه تنفض عنه ماعلق بملابسه من تراب وهو يبكي وتحتضنه ليتحول غضبها إلى حب واهتمام واحتواء ,الأمر مختلف الآن فهو يكتم ضحكة داخله تذكره بالولد الشقي الذي أنسته فرحته الحرص والإنتباه لخطواته وألهته عن أن يستجيب لنداء والدته ......ولم يعد ذلك الولد الشقي لكنه تصرف بشقاوة الأطفال ولم يراعي سنه المتقدمة وثقل قدماه ...روح فتية وإن تعب الجسد وصار في طريقه إلى الضعف .
على كل الأمر مختلف الآن .... فلم يفكر بالبكاء عندما سقط ليس لأنه كبير في السن , لم يبكي لأنه لن يجد من يحتويه عندما يتألم .....لا قلب في العالم مثل قلب أمه أو حتى يشابهه لذا فمن العبث أن يطيل الإنتظار أو يغرق في بحر شعوره بالألم , أسرع ليلملم الموقف بأكمله وينهيه بلحظته وتابع سيره ,تذكر أثناء سيره أنه لم يضعف عندما ضعف الآخرو ن ولم يتخاذل أو يقصر في واجبه عندما قصروا ...ظل معتمداً على نفسه حاملاً همه على كتفه لم يرغب في أن يثقل به كتف الآخرين ولو لبرهة ليرتاح ...لا شيئ في حياته يعادل الوضوح والصدق ولا يحب المزح فيهما بأي شكل من الأشكال ماض فيهما لدرجة الجمود ,إن كات المرونة تتطلب شيئ من الهزل وقليل من الكذب فهو حتمًا (جامد) .
هكذا قيل له مراراً وتكراراً مع ذلك لم يهتم لأمرهم وإن أحزنه ذلك اللقب بعض الشيئ ,لم يستطع إلا أن يكون صادقاً وجاد في كل أموره فإن كان هذا عيب فهو أحد عيوبه ..........تذكر كل ذلك وهو يتبع ذلك الطيف ببصره ,يلاحظه وهو يراوغ بين الحارات ولا يظهر إلا طرفًا منه في كل مرة يلمحه بها ,أتعبه السير وفكر بالتوقف ...بدا الأمر وكأن ذلك الطيف سيفلت ويضيع منه لكن ما جدد الأمل في نفسه وجعله يستعيد قوته أن الطيف وصل لطريق له نهاية واحدة .....طريق مسدود ولن يستطيع ذلك الرجل أن يفلت منه ,سيواجهه سيعرف حقيقته, ستكتمل المعرفة لديه .
نهاية الطريق قدمت له الصورة الواضحة التي أراد أن يحصل عليها ووفرت له الإجابة الصحيحة لسؤاله وخدمته ,أحيانًا تكون النهايات هي أفضل ما يحدث لنا وأحيانًا البدايات تمامًا كالمطر الذي سحبه للشارع ليرى الرجل ويلاحق طيفه والحقيقة الكاملة أن كل ما يحدث لنا خير ........لم ؟ لأنه تقدير من الله سبحانه وتعالى .
تابع عثمان خطواته لكن هذه المرة بتثاقل كمن يترقب و يتوقع مفاجأة غير مريحة ,مازال المطر يتساقط والرعد يقصف ليزيد من قوة ورهبة الموقف ورغم خوفه إلا أنه اقترب أكثر فأكثر وبعد أن كاد يصل ليتعرف على ملامح الرجل أبرقت السماء ليكتشف أن لا رجل هناك .....إنه طيف فقط طيف ....فزع من هول الموقف ,لقد كان خائف من أن يكون الرجل عدو لكن على الأقل رجل لكنه صدم بطيف فكيف يتعامل معه؟
أهو حلم أم حقيقة ؟ أيشبه الأمر قصور من الرمال؟ لا الأمر ليس حتى كذلك ,على الأقل الرمال حقيقية وإن كانت واهنة .
وتكلم الطيف وكان فصيحاً :.....لقد كانت خطواتك ضعيفة ولك قلب رقيق واضح كالطفل والوضوح أصبح الآن صورة قديمة كالصرح القديم لا يصلح للسكن ......اليوم الحقائق تزيف والمواقف تزيف والشعور يزيف وقد زيفت حقيقتي كالآخرين وأنت لا تعرف كيف تتعامل مع الزيف ,مع الزيف تموت الحكمة والحقيقة ,لقد اعتمدت يا صاحبي على شيئ لم يعد في عداد الأحياء وهناك الكثير من الناس من يمثلون الحقيقة وأنا نقطة في بحرهم ,اعتمدت أنا على الغموض وكان لك فضول أدركت به حقيقتي لكنني كما قلت لك جزء من بحر يغمرك ,وهناك آخرون يحملون معهم الضباب والوضوح ليربكوك فلا تحتار بعد اليوم ......قد أدركت الحقيقة .
أدار عثمان ظهره للطيف وأسلم نفسه للأمطار لتغسل كل ذرة فيه وتنقيها من بقايا صدمته ناداه الطيف .....عثمان ...عثمان ألا تريد أن تعرف مني المزيد؟
لا قد اكتفيت أجاب عثمان .
ألا ترغب في أن تكون صديق فقط صديق ؟
لم يلتفت عثمان فلم يعد الأمر يستحق حتى إلتفاتة لقد تغير عالم بأكمله .....أدرك أن كل خطواته من البداية عبث مجرد عبث و ما كان ليخطوها لو أنه علم بحقيقة الطيف ,ما أكثر الأطياف في حياتنا تظن لوهلة أنها حقيقية ربما لأنها تبدو كذلك ويوم أن يسلط عليها موقف ما الضوء تختفي وتنساب كما ينساب الماء من بين الأصابع لتدرك أن يدك خالية ونفسك أكثر خواء .
قال عثمان في نفسه ( قد تعلمت الدرس .....وقد أبدع من إمتهن الخديعة ) هي فعلاً خديعة ضربة أفادت وإن آلمت لكنها قتلت الطيف في نفسي فلم يعد حتى مرئي أما عنه فهو يدرك أنه مجرد طيف لا أكثر وهذا يكفي .
م / ن