الشبيعان
2010-02-04, 06:16 PM
متنزهاتنا البرية .. التلوث وغياب الوعي
كلمة جريدة الاقتصادية
لم تفلح أي من حملات التوعية في حماية متنزهاتنا الطبيعية من العبث والتلوث بالمخلفات التي يتركها المتنزهون خلفهم من النفايات بمختلف أنواعها، حيث بقيت كصرخة في واد، رغم الجهود التي بذلت وتبذل بجد لمطالبة المتنزهين بجمع نفاياتهم وإحراقها أو نقلها إلى أقرب مكب ليبقى المكان نظيفا وقابلا للاستخدام على الدوام، والذي قيض له الخروج لبعض المتنزهات البرية بعد موسم الأمطار وهو يضع في ذهنه صورة جيدة للمكان بعد أن غسلته السيول، لا بد أن تفاجئه تلك السرعة الرهيبة لإعادة ملئها مجددا بالمخلفات التي لم تسلم منها حتى شجيرات الطلح والعوسج التي تجمعت حولها المغلفات البلاستيكية وعبوات المياه المعدنية، وحفاظات الأطفال وجلود الذبائح وسواها .. مما أفقدها بكارتها الطبيعية وأحالها إلى مساحة مفتوحة لكل ما يجب التخلص منه.
وفي ضوء هذا الواقع المشين، يبدو أن الحال لن يتغير مهما استمرت حملات التوعية بشكلها الراهن التي لم تثمر أي نتائج تجعلنا نتفاءل بتقلص هذا السلوك، لصالح نمو وعي اجتماعي مؤهل للتصدي لهذه الظاهرة اللاحضارية، مما يفرض على المهتمين بالبيئة البرية إعادة النظر في سياسات التوعية، وكيف يمكن أن تدار بما يضمن الحد الأدنى على الأقل من النتائج المرضية.
الواضح أن التوعية ــ إن وجدت بشكل جاد ــ فإنها تقوم على أسلوب الوعظ والتذكير بأهمية البيئة الطبيعية وضرورة المحافظة عليها، لكن هذه الصيغة لم تعد كما يبدو الصيغة القادرة على الوصول للناس في ظل تنامي الشعور باللامبالاة للأسف، مما يستدعي البحث عن أساليب جديدة لا تكتفي بالنصائح، بقدر ما تعتمد منهجا عمليا يؤسس لثقافة وعي يلمسه ويراه الناس رأي العين، وهذا لن يتأتى ما لم يتم التشجيع على قيام جمعيات تطوعية لأصدقاء البيئة تمولها بعض الشركات والمؤسسات القادرة، وتستهدف فئة الشباب تحديدا، حيث يتم تنظيم حملات تنظيف تحت أعين وسائل الإعلام لتحويل الرسالة من مجرد خطاب إلى سلوك عملي، على أن تكون أحد مستهدفات التربية الوطنية في المنهج التربوي، وهناك عديد من التجارب الدولية الناجحة في هذا السياق، استطاعت أن تشكل حالة وعي عام وإن بدرجات مختلفة .. كما حدث في لبنان أخيرا إزاء حملة تنظيف السواحل التي تحالف فيها مناصرو السلام الأخضر مع بعض طلبة المدارس لتنفيذ برامجها، ولفتت الأنظار على الأقل إلى أهمية مثل هذه الخطوات كما تقول بعض التقارير الصحافية التي رصدت نشاطها.
إن ما يجري اليوم من عمليات تلويث للمتنزهات البرية لا يعني تدمير البيئة وتشويه المتنزهات، ونزع قابليتها للاستخدام وحسب، وإنما هو فوق هذا وذاك إسهام بشري في قتل تلك الشجيرات التي تشكل مصدات طبيعية لسرعة جريان السيول في الأودية مع ما في ذلك من المخاطر الكبيرة التي أشار بعض المهتمين إلى أثرها في بعض الفيضانات التي حدثت أخيرا في أكثر من مكان . لذلك لا بد من أخذ الأمر بشكل جدي، وعدم التعامل معه كما لو أنه ترف زائد على الحاجة، أو مجرد واجب يجب التخلص من تنفيذه بأي وسيلة والسلام. لأن الاستمرار في رمي تلك المخلفات كيفما اتفق، ومنها ما لا يُمكن أن يخضع لأي عملية تحلل مع التربة ودون معالجة تذكر سيفاقم المشكلة يوما بعد آخر، وسيجعلنا بمرور الوقت أمام معضلة قد تستعصي على الحل إلا بجهود خارقة وبتكاليف باهظة، قد تكون فاتورتها أكبر مما لو تم تفاديها بشكل عملي، وبجهود طوعية ــ وهذا هو الأهم ــ من أجل غرس مفهوم الصداقة مع البيئة في نفوس النشء، حيث يكون الوعي الاجتماعي العام مستقبلا هو خط المواجهة الذي يغنينا لاحقا عن أي حملات أو مجهودات إضافية.
كلمة جريدة الاقتصادية
لم تفلح أي من حملات التوعية في حماية متنزهاتنا الطبيعية من العبث والتلوث بالمخلفات التي يتركها المتنزهون خلفهم من النفايات بمختلف أنواعها، حيث بقيت كصرخة في واد، رغم الجهود التي بذلت وتبذل بجد لمطالبة المتنزهين بجمع نفاياتهم وإحراقها أو نقلها إلى أقرب مكب ليبقى المكان نظيفا وقابلا للاستخدام على الدوام، والذي قيض له الخروج لبعض المتنزهات البرية بعد موسم الأمطار وهو يضع في ذهنه صورة جيدة للمكان بعد أن غسلته السيول، لا بد أن تفاجئه تلك السرعة الرهيبة لإعادة ملئها مجددا بالمخلفات التي لم تسلم منها حتى شجيرات الطلح والعوسج التي تجمعت حولها المغلفات البلاستيكية وعبوات المياه المعدنية، وحفاظات الأطفال وجلود الذبائح وسواها .. مما أفقدها بكارتها الطبيعية وأحالها إلى مساحة مفتوحة لكل ما يجب التخلص منه.
وفي ضوء هذا الواقع المشين، يبدو أن الحال لن يتغير مهما استمرت حملات التوعية بشكلها الراهن التي لم تثمر أي نتائج تجعلنا نتفاءل بتقلص هذا السلوك، لصالح نمو وعي اجتماعي مؤهل للتصدي لهذه الظاهرة اللاحضارية، مما يفرض على المهتمين بالبيئة البرية إعادة النظر في سياسات التوعية، وكيف يمكن أن تدار بما يضمن الحد الأدنى على الأقل من النتائج المرضية.
الواضح أن التوعية ــ إن وجدت بشكل جاد ــ فإنها تقوم على أسلوب الوعظ والتذكير بأهمية البيئة الطبيعية وضرورة المحافظة عليها، لكن هذه الصيغة لم تعد كما يبدو الصيغة القادرة على الوصول للناس في ظل تنامي الشعور باللامبالاة للأسف، مما يستدعي البحث عن أساليب جديدة لا تكتفي بالنصائح، بقدر ما تعتمد منهجا عمليا يؤسس لثقافة وعي يلمسه ويراه الناس رأي العين، وهذا لن يتأتى ما لم يتم التشجيع على قيام جمعيات تطوعية لأصدقاء البيئة تمولها بعض الشركات والمؤسسات القادرة، وتستهدف فئة الشباب تحديدا، حيث يتم تنظيم حملات تنظيف تحت أعين وسائل الإعلام لتحويل الرسالة من مجرد خطاب إلى سلوك عملي، على أن تكون أحد مستهدفات التربية الوطنية في المنهج التربوي، وهناك عديد من التجارب الدولية الناجحة في هذا السياق، استطاعت أن تشكل حالة وعي عام وإن بدرجات مختلفة .. كما حدث في لبنان أخيرا إزاء حملة تنظيف السواحل التي تحالف فيها مناصرو السلام الأخضر مع بعض طلبة المدارس لتنفيذ برامجها، ولفتت الأنظار على الأقل إلى أهمية مثل هذه الخطوات كما تقول بعض التقارير الصحافية التي رصدت نشاطها.
إن ما يجري اليوم من عمليات تلويث للمتنزهات البرية لا يعني تدمير البيئة وتشويه المتنزهات، ونزع قابليتها للاستخدام وحسب، وإنما هو فوق هذا وذاك إسهام بشري في قتل تلك الشجيرات التي تشكل مصدات طبيعية لسرعة جريان السيول في الأودية مع ما في ذلك من المخاطر الكبيرة التي أشار بعض المهتمين إلى أثرها في بعض الفيضانات التي حدثت أخيرا في أكثر من مكان . لذلك لا بد من أخذ الأمر بشكل جدي، وعدم التعامل معه كما لو أنه ترف زائد على الحاجة، أو مجرد واجب يجب التخلص من تنفيذه بأي وسيلة والسلام. لأن الاستمرار في رمي تلك المخلفات كيفما اتفق، ومنها ما لا يُمكن أن يخضع لأي عملية تحلل مع التربة ودون معالجة تذكر سيفاقم المشكلة يوما بعد آخر، وسيجعلنا بمرور الوقت أمام معضلة قد تستعصي على الحل إلا بجهود خارقة وبتكاليف باهظة، قد تكون فاتورتها أكبر مما لو تم تفاديها بشكل عملي، وبجهود طوعية ــ وهذا هو الأهم ــ من أجل غرس مفهوم الصداقة مع البيئة في نفوس النشء، حيث يكون الوعي الاجتماعي العام مستقبلا هو خط المواجهة الذي يغنينا لاحقا عن أي حملات أو مجهودات إضافية.