أحمد الحربي
2009-11-10, 12:46 AM
دمشق
صحيفة تشرين
تحقيقات
الاثنين 9 تشرين الثاني 2009
سناء يعقوب
يستغرب الناس تزايد أمراضهم وأوجاعهم لاسيما الذين يعيشون في المدن وما يعانونه من التهابات تنفسية وأمراض حساسية تبدأ ولا تنتهي...
وأقل ما يمكن أن يقال عن مدينة دمشق أن الضباب الدخاني يغطي سماءها، وشوارعها تعاني الازدحام بطرقاتها الضيقة مع تزايد السيارات، وطبعاً وسائل النقل متهمة بعوادم مركباتها وما تحتويه من غازات تؤذي الانسان والحيوان والنبات وحتى البناء.
أمراض سببها البيئة..
منظمة الصحة العالمية أشارت إلى أن ظاهرة التلوث البيئي وراء 24% من اكبر الأمراض القاتلة في العالم و33% منها تصيب الأطفال دون الخمس سنوات من العمر ويتسبب في موت أربعة ملايين منهم سنوياً حول العالم.
وصنف الخبراء 85 فئة من الأمراض التي تعزى إلى مخاطر بيئية ومنها الإسهال وضيق التنفس والحساسية.
إذاً هذا ما يحدث في العالم فما الوضع لدينا؟!
حسب أرقام ودراسات بيئية تعود لعام 2005 فإن 77% من أطفال دمشق من الفئة العمرية 6-12 سنة يعانون من زيادة تراكيز الرصاص في الدم عن الحد المسموح به من قبل منظمة الصحة العالمية.
كما أن 15% من كل السكان في سورية يعانون من الاصابة بديدان الاسكاريس، و36% منهم يعانون من الزحار المتكيس، و48% من القاطنين بجوار معمل اسمنت طرطوس مصابون بمرض انتاني تنفسي مزمن واحد على الأقل و70% من العاملين في المعمل نفسه يعانون من احد الامراض التنفسية المزمنة بغض النظر عن نوع العمل والوظيفة التي يشغلونها.
المهندس هيثم نشواتي مدير سلامة الهواء في وزارة البيئة يرى أن أسباب التلوث البيئي في سورية عديدة ومنها تلوث الهواء الذي يرتبط بشكل مباشر بعوادم وسائل النقل والازدحامات المرورية وما يرافقها والانبعاثات الناجمة عن الصناعات المختلفة كمعامل الاسمنت ومحطات توليد الطاقة ومصافي النفط ومجابل الإسفلت والكسارات وطبيعة المدن التي لا تسمح بكنس وتبديد الملوثات والسكن العشوائي.
وحسب رؤية المهندس نشواتي فإن حل معضلة تلوث هواء دمشق يكون باعتماد سياسات ومشروعات تسهم في تخفيض إطلاق غازات الدفيئة وتخفيض الضغط عن الموارد من خلال التوسع في استخدام الغاز الطبيعي في توليد الطاقة الكهربائية وتنشيط استعمالات الطاقات المتجددة وتطوير منظومة النقل والمرور مع ضبط الحالة الفنية للسيارات.
ويشير المهندس نشواتي إلى أن خطورة عوادم السيارات تكون بما تحتويه من غازات، فمثلاً أول أكسيد الكربون يسبب الصداع وصعوبة التنفس ويسبب اضطراباً في عملية أكسجة الدم ويؤدي إلى الاختناق والوفاة، وهناك المركبات الهيدروكربونية وتسبب حساسية للعينين والأنف والبلعوم ولبعض أنواعها تأثيرات مسرطنة ومركبات الرصاص لها تأثيرات ضارة للأجنة عند الحوامل وينجم عنها تأخر نمو جسمي وعقلي ولها تأثيرها أيضاً عند الكبار.
الشكاوى تتزايد
وجدت وزارة الصحة أن إصابات الجهاز التنفسي في المناطق الملوثة تفوق مثيلاتها في المناطق النظيفة بمعدل 3-4 مرات.
ويؤدي التلوث بالعوالق إلى أمراض خطيرة في الجهاز التنفسي مثل أمراض الربو والسعال والانتفاخ الرئوي وتصلب الرئة وقصور في وظيفة الرئتين والقلب إضافة إلى أمراض الحساسية.
كيف نحمي الهواء؟
كثيرة هي الدراسات التي تجريها وزارة البيئة وسواها من الجهات المعنية بتلوث بلادنا المتباينة في نتائجها بين جهة واخرى أو التي تجرى بشكل خلبي أو حتى بعض الدراسات التي يتم فيها تغيير الأرقام عشوائياً لتظهر أن البعض يعمل ويتعب مع أن دراساتهم مكررة ولا حقائق جديدة فيها!!
لكن الغريب أكثر مديرو وزارة البيئة أنفسهم والذين اذا طلبناهم على هواتفهم لا يردون وإذا صادفناهم في مكاتبهم واستفسرنا عن بعض المعلومات أنهم يبررون - لا يملكون الصلاحيات للرد على أسئلتنا إلا بموافقة الوزيرة!! علماً أن السيدة الوزيرة وأثناء حديث سابق أكدت أن المعلومات متاحة للجميع ومن الجميع وشرطها الأساسي أن تكون صحيحة ومنطقية فلماذا هذا الخوف والتردد من قبل المديرين إذاً؟!.
المهندس عماد حسون معاون وزيرة البيئة وأثناء حديث سريع معه، حول كيفية حماية هواء المدن وتحديداً دمشق قال: لا يمكن حل مشكلة تلوث هواء دمشق دون معالجة أزمة السكن العشوائي وتطوير نظم المرور وشبكة الجسور والطرق والأنفاق داخل المدن بالشكل الذي يؤمن انسيابية المرور ويجنب الاختناقات، وتعزيز النقل العام باستعمال وسائط النقل الجماعية ذات المواصفات الفنية والبيئية العالية، وحالياً سيتم استخدام المازوت الأخضر صديق البيئة.
وعندما سألنا المهندس حسون إن كان ذلك سيضيف أعباء مادية على كاهل المواطن قال: لن تكون اكبر من تكلفة التدهور البيئي في سورية التي لا تدعو للتفاؤل، ويمكن للدولة أن تتحمل قسماً من التكلفة المادية والقسم الآخر يتحمله المواطن وقريباً سيتم أيضاً استيراد 1000 باص يعمل على الغاز.
وأضاف: من الإجراءات الكفيلة بتحسين نوعية الهواء أيضاً التوسع باستخدام التقانات الحديثة في التدفئة المنزلية ذات كفاءة الاحتراق العالية واستعمال السخانات الشمسية لتسخين المياه واستعمال العزل الحراري في الأبنية ونقل الفعاليات التي تسبب الازدحام والاختناقات المرورية من داخل المدينة إلى أطرافها.. كذلك زيادة المساحات الخضراء داخل المدن وخارجها...
وأشار حسون أن لدى وزارة البيئة حالياً العديد من الأفكار لتخفيف عبء التلوث عن هواء دمشق منها إقامة ميترو بين المدن فوق الأرض لتطبيق النقل المستدام بدلاً من آلاف السيارات الآليات التي تنفث عوادمها وتلوث الهواء هذا طبعاً غير ميترو دمشق الذي يتم العمل لانجازه في وقته.
أيضاً حالياً هناك لجنة في وزارة النقل لدراسة المواصفات الفنية للسيارات لتكون صديقة للبيئة سواء المستوردة أو الموجودة ضمن شوارعنا.
وحول موضوع الدراسات والأبحاث البيئية التي تجريها الوزارة وغيرها أجاب: نحن بحاجة إلى تدقيق اكثر بالمعلومات والأرقام ودراستها بشكل جيد للوصول إلى النتائج المرضية.
وللبيئة حساسيتها...
يتساءل الكثير من الناس عن تزايد معدلات الإصابة بالحساسية في السنوات الأخيرة وارتباطها بالتلوث البيئي وخاصة لدى الأطفال، ولأن الدراسات البيئية غائبة عن بلادنا نلجأ إلى الدراسات العالمية ونحاول الاستفادة منها ونجري لقاءاتنا الخاصة مع المختصين والأطباء.
فالحساسية كلمة قد لا يدرك الكثيرون منا مخاطرها وخاصة انها تفاعل الجسم بصورة غير طبيعية مع المؤثرات التي تكون داخل المنزل أو خارجه سواء من أعشاب أو أشجار أو أغذية أو حتى عوامل محرضة للنوبات مثل القلق والاكتئاب والتي على الأغلب ما تكون نتيجة التلوث البيئي الذي يأتي أيضاً من عوادم السيارات والتقلبات المناخية.. ولأن التلوث البيئي له نتائجه في إحداث الربو التحسسي كان لابد من التوجه إلى الدكتورة لبنى حويجة الاختصاصية بأمراض التنفس والحساسية واضطرابات النوم التي أكدت أن ملوثات البيئة تسهم بشكل كبير في إحداث نوبات الربو خاصة التحسسية منها، وحسب عدة دراسات أجريت بمشفى الأسد الجامعي بدمشق حول نسب العوامل المسببة للحساسية ونسبة الربو القصبي عند الأطفال تبين أن النسبة وصلت إلى 6%.
وأشارت إلى أهمية المرض العائلي فمثلاً بحال إصابة الوالدين فإن احتمال إصابة الطفل تصل إلى 75% وبحالة إصابة أحدهما فالنسبة تصل إلى 50% كما أن إصابة الأطفال بجفاف الجلد أو الأكزيما دليل أولي على احتمال إصابة الطفل لاحقاً بالتحسس الأنفي أو ربما الربو.
كما لوحظ أن الاشخاص، وتحديداً الأطفال، الذين يعيشون على مقربة من شوارع مزدحمة بالسيارات ويعانون من تلوث الهواء يكونون اكثر عرضة للاصابة بالاضطرابات والالتهابات التنفسية ونوبات الربو وحتى اضطرابات النوم.
ولكن هل بالإمكان الوقاية وتقليل فرص الاصابة بالمرض؟؟
وكيف الوقاية؟!
يمكن تقليل مسببات أعراض الحساسية حسبما تقول الدكتورة حويجة عن طريق مجموعة من الارشادات من اهمها منع التدخين بالمنزل بصورة قطعية بما في ذلك الشرفات والحمام وامام الشفاط بالمطبخ لمنع وجود النيكوتين بالبيئة المنزلية مع الاخذ بعين الاعتبار أن رماد السجائر في مثل خطورة دخانها وان عوادم السجائر تعلق بأثاث المنزل والمفروشات كالستائر والسجاد والمقاعد لشهور طويلة حتى بعد الاقلاع عن التدخين في المنزل.
أيضاً عدم الاحتفاظ بالحيوانات الأليفة داخل المنزل أو حتى في الشرفة بما في ذلك الطيور والقطط والكلاب وإذا أصر الطفل على امتلاك حيوان أليف فيمكن الاحتفاظ بحوض أسماك الزينة أو سلحفاة.
وتجنب الاحتفاظ بأكوام الصحف القديمة والتي يمكن أن تحتوي على الأتربة والفطريات والعفن والعث بالإضافة إلى تأثير أحبار الطباعة ومن الضروري تنظيف المكتبة المنزلية والكتب بشفط الأتربة العالقة والتي قد تحتوي على المسببات نفسها حتى لا يستنشقها الطفل.
إضافة إلى تنظيف خزانة الملابس من مصادر الرطوبة والأتربة والتخلص من الملابس القديمة غير المستخدمة وعدم استخدام مركبات طرد العثة ذات الرائحة النفاذة حيث تسبب كيميائياً تهيج الأغشية المخاطية بالجهاز التنفسي.
وتشير الدكتورة حويجة إلى تجنب استخدام الوسادة المحشوة بالريش والصوف والقطن في فراش الطفل المصاب بحساسية العث المنزلي ويفضل استخدام اللحاف المحشو بالاسفنج الصناعي كما تجب تهوية مكونات الفراش وتعريضها لأشعة الشمس وتخليصها من الأتربة وتجنيبها الرطوبة حتى لا تتكاثر عثة الفراش وهي حيوانات أولية تسبب كل أنواع الحساسية، أيضاً مع تجنب وضع اللعب والدمى المكسوة بالفراء أو الصوف في فراش الطفل.
وهذا يقودنا إلى تقليل مستوى الرطوبة داخل المنزل بتهويته والسماح لأشعة الشمس بدخوله وخاصة غرف نوم الأطفال وان كان لابد من استخدام المكيفات فلا بد من التركيز على تنظيف الفلاتر على الأقل مرتين اسبوعياً.
مع عدم الاحتفاظ بنباتات الزينة داخل الغرف المغلقة وعدم استخدام المبيدات الحشرية أو المنظفات الكيميائية مثل الكلور وفي حال الاستخدام تجب تهوية المنزل بشكل جيد وتجنب معطرات الهواء والملابس والاستعاضة عنها بالنظافة والتهوية الجسدية.. أيضاً لأبخرة الطبخ ودخان الشواء آثاره الصحية السلبية لذلك لا بد من استخدام شفاط جيد وعزل المطبخ عن بقية الشقة ويفضل أن تكون أرض المنزل مغطاة بالرخام أو السيراميك أو البلاط لسهولة النظافة والتخلص من الأتربة والاهتمام بشفط الأتربة من السجاد ويفضل عدم استخدام الموكيت وتنظيف الحمام بما في ذلك الجدران والأرضيات والمحافظة على جفافه وعدم السماح بنمو الفطريات والطحالب الخضراء على جدرانه وغسل المفروشات الموجودة به مرة أسبوعياً وتجفيفها في أشعة الشمس..
وبعد... كل ما نعانيه من انتشار للأمراض والحساسية ونوبات الربو وحتى الاكتئاب والقلق نتهم به التلوث البيئي وكأنه جاء إلينا من كوكب آخر ولسنا نحن من صنعه!!
أما حان الوقت فعلاً للدراسات الجدية والحقيقية والاستفادة منها وتحليلها والاعتماد عليها في إجراءات تتم على ارض الواقع وليس رفع عتب..
:
صحيفة تشرين
تحقيقات
الاثنين 9 تشرين الثاني 2009
سناء يعقوب
يستغرب الناس تزايد أمراضهم وأوجاعهم لاسيما الذين يعيشون في المدن وما يعانونه من التهابات تنفسية وأمراض حساسية تبدأ ولا تنتهي...
وأقل ما يمكن أن يقال عن مدينة دمشق أن الضباب الدخاني يغطي سماءها، وشوارعها تعاني الازدحام بطرقاتها الضيقة مع تزايد السيارات، وطبعاً وسائل النقل متهمة بعوادم مركباتها وما تحتويه من غازات تؤذي الانسان والحيوان والنبات وحتى البناء.
أمراض سببها البيئة..
منظمة الصحة العالمية أشارت إلى أن ظاهرة التلوث البيئي وراء 24% من اكبر الأمراض القاتلة في العالم و33% منها تصيب الأطفال دون الخمس سنوات من العمر ويتسبب في موت أربعة ملايين منهم سنوياً حول العالم.
وصنف الخبراء 85 فئة من الأمراض التي تعزى إلى مخاطر بيئية ومنها الإسهال وضيق التنفس والحساسية.
إذاً هذا ما يحدث في العالم فما الوضع لدينا؟!
حسب أرقام ودراسات بيئية تعود لعام 2005 فإن 77% من أطفال دمشق من الفئة العمرية 6-12 سنة يعانون من زيادة تراكيز الرصاص في الدم عن الحد المسموح به من قبل منظمة الصحة العالمية.
كما أن 15% من كل السكان في سورية يعانون من الاصابة بديدان الاسكاريس، و36% منهم يعانون من الزحار المتكيس، و48% من القاطنين بجوار معمل اسمنت طرطوس مصابون بمرض انتاني تنفسي مزمن واحد على الأقل و70% من العاملين في المعمل نفسه يعانون من احد الامراض التنفسية المزمنة بغض النظر عن نوع العمل والوظيفة التي يشغلونها.
المهندس هيثم نشواتي مدير سلامة الهواء في وزارة البيئة يرى أن أسباب التلوث البيئي في سورية عديدة ومنها تلوث الهواء الذي يرتبط بشكل مباشر بعوادم وسائل النقل والازدحامات المرورية وما يرافقها والانبعاثات الناجمة عن الصناعات المختلفة كمعامل الاسمنت ومحطات توليد الطاقة ومصافي النفط ومجابل الإسفلت والكسارات وطبيعة المدن التي لا تسمح بكنس وتبديد الملوثات والسكن العشوائي.
وحسب رؤية المهندس نشواتي فإن حل معضلة تلوث هواء دمشق يكون باعتماد سياسات ومشروعات تسهم في تخفيض إطلاق غازات الدفيئة وتخفيض الضغط عن الموارد من خلال التوسع في استخدام الغاز الطبيعي في توليد الطاقة الكهربائية وتنشيط استعمالات الطاقات المتجددة وتطوير منظومة النقل والمرور مع ضبط الحالة الفنية للسيارات.
ويشير المهندس نشواتي إلى أن خطورة عوادم السيارات تكون بما تحتويه من غازات، فمثلاً أول أكسيد الكربون يسبب الصداع وصعوبة التنفس ويسبب اضطراباً في عملية أكسجة الدم ويؤدي إلى الاختناق والوفاة، وهناك المركبات الهيدروكربونية وتسبب حساسية للعينين والأنف والبلعوم ولبعض أنواعها تأثيرات مسرطنة ومركبات الرصاص لها تأثيرات ضارة للأجنة عند الحوامل وينجم عنها تأخر نمو جسمي وعقلي ولها تأثيرها أيضاً عند الكبار.
الشكاوى تتزايد
وجدت وزارة الصحة أن إصابات الجهاز التنفسي في المناطق الملوثة تفوق مثيلاتها في المناطق النظيفة بمعدل 3-4 مرات.
ويؤدي التلوث بالعوالق إلى أمراض خطيرة في الجهاز التنفسي مثل أمراض الربو والسعال والانتفاخ الرئوي وتصلب الرئة وقصور في وظيفة الرئتين والقلب إضافة إلى أمراض الحساسية.
كيف نحمي الهواء؟
كثيرة هي الدراسات التي تجريها وزارة البيئة وسواها من الجهات المعنية بتلوث بلادنا المتباينة في نتائجها بين جهة واخرى أو التي تجرى بشكل خلبي أو حتى بعض الدراسات التي يتم فيها تغيير الأرقام عشوائياً لتظهر أن البعض يعمل ويتعب مع أن دراساتهم مكررة ولا حقائق جديدة فيها!!
لكن الغريب أكثر مديرو وزارة البيئة أنفسهم والذين اذا طلبناهم على هواتفهم لا يردون وإذا صادفناهم في مكاتبهم واستفسرنا عن بعض المعلومات أنهم يبررون - لا يملكون الصلاحيات للرد على أسئلتنا إلا بموافقة الوزيرة!! علماً أن السيدة الوزيرة وأثناء حديث سابق أكدت أن المعلومات متاحة للجميع ومن الجميع وشرطها الأساسي أن تكون صحيحة ومنطقية فلماذا هذا الخوف والتردد من قبل المديرين إذاً؟!.
المهندس عماد حسون معاون وزيرة البيئة وأثناء حديث سريع معه، حول كيفية حماية هواء المدن وتحديداً دمشق قال: لا يمكن حل مشكلة تلوث هواء دمشق دون معالجة أزمة السكن العشوائي وتطوير نظم المرور وشبكة الجسور والطرق والأنفاق داخل المدن بالشكل الذي يؤمن انسيابية المرور ويجنب الاختناقات، وتعزيز النقل العام باستعمال وسائط النقل الجماعية ذات المواصفات الفنية والبيئية العالية، وحالياً سيتم استخدام المازوت الأخضر صديق البيئة.
وعندما سألنا المهندس حسون إن كان ذلك سيضيف أعباء مادية على كاهل المواطن قال: لن تكون اكبر من تكلفة التدهور البيئي في سورية التي لا تدعو للتفاؤل، ويمكن للدولة أن تتحمل قسماً من التكلفة المادية والقسم الآخر يتحمله المواطن وقريباً سيتم أيضاً استيراد 1000 باص يعمل على الغاز.
وأضاف: من الإجراءات الكفيلة بتحسين نوعية الهواء أيضاً التوسع باستخدام التقانات الحديثة في التدفئة المنزلية ذات كفاءة الاحتراق العالية واستعمال السخانات الشمسية لتسخين المياه واستعمال العزل الحراري في الأبنية ونقل الفعاليات التي تسبب الازدحام والاختناقات المرورية من داخل المدينة إلى أطرافها.. كذلك زيادة المساحات الخضراء داخل المدن وخارجها...
وأشار حسون أن لدى وزارة البيئة حالياً العديد من الأفكار لتخفيف عبء التلوث عن هواء دمشق منها إقامة ميترو بين المدن فوق الأرض لتطبيق النقل المستدام بدلاً من آلاف السيارات الآليات التي تنفث عوادمها وتلوث الهواء هذا طبعاً غير ميترو دمشق الذي يتم العمل لانجازه في وقته.
أيضاً حالياً هناك لجنة في وزارة النقل لدراسة المواصفات الفنية للسيارات لتكون صديقة للبيئة سواء المستوردة أو الموجودة ضمن شوارعنا.
وحول موضوع الدراسات والأبحاث البيئية التي تجريها الوزارة وغيرها أجاب: نحن بحاجة إلى تدقيق اكثر بالمعلومات والأرقام ودراستها بشكل جيد للوصول إلى النتائج المرضية.
وللبيئة حساسيتها...
يتساءل الكثير من الناس عن تزايد معدلات الإصابة بالحساسية في السنوات الأخيرة وارتباطها بالتلوث البيئي وخاصة لدى الأطفال، ولأن الدراسات البيئية غائبة عن بلادنا نلجأ إلى الدراسات العالمية ونحاول الاستفادة منها ونجري لقاءاتنا الخاصة مع المختصين والأطباء.
فالحساسية كلمة قد لا يدرك الكثيرون منا مخاطرها وخاصة انها تفاعل الجسم بصورة غير طبيعية مع المؤثرات التي تكون داخل المنزل أو خارجه سواء من أعشاب أو أشجار أو أغذية أو حتى عوامل محرضة للنوبات مثل القلق والاكتئاب والتي على الأغلب ما تكون نتيجة التلوث البيئي الذي يأتي أيضاً من عوادم السيارات والتقلبات المناخية.. ولأن التلوث البيئي له نتائجه في إحداث الربو التحسسي كان لابد من التوجه إلى الدكتورة لبنى حويجة الاختصاصية بأمراض التنفس والحساسية واضطرابات النوم التي أكدت أن ملوثات البيئة تسهم بشكل كبير في إحداث نوبات الربو خاصة التحسسية منها، وحسب عدة دراسات أجريت بمشفى الأسد الجامعي بدمشق حول نسب العوامل المسببة للحساسية ونسبة الربو القصبي عند الأطفال تبين أن النسبة وصلت إلى 6%.
وأشارت إلى أهمية المرض العائلي فمثلاً بحال إصابة الوالدين فإن احتمال إصابة الطفل تصل إلى 75% وبحالة إصابة أحدهما فالنسبة تصل إلى 50% كما أن إصابة الأطفال بجفاف الجلد أو الأكزيما دليل أولي على احتمال إصابة الطفل لاحقاً بالتحسس الأنفي أو ربما الربو.
كما لوحظ أن الاشخاص، وتحديداً الأطفال، الذين يعيشون على مقربة من شوارع مزدحمة بالسيارات ويعانون من تلوث الهواء يكونون اكثر عرضة للاصابة بالاضطرابات والالتهابات التنفسية ونوبات الربو وحتى اضطرابات النوم.
ولكن هل بالإمكان الوقاية وتقليل فرص الاصابة بالمرض؟؟
وكيف الوقاية؟!
يمكن تقليل مسببات أعراض الحساسية حسبما تقول الدكتورة حويجة عن طريق مجموعة من الارشادات من اهمها منع التدخين بالمنزل بصورة قطعية بما في ذلك الشرفات والحمام وامام الشفاط بالمطبخ لمنع وجود النيكوتين بالبيئة المنزلية مع الاخذ بعين الاعتبار أن رماد السجائر في مثل خطورة دخانها وان عوادم السجائر تعلق بأثاث المنزل والمفروشات كالستائر والسجاد والمقاعد لشهور طويلة حتى بعد الاقلاع عن التدخين في المنزل.
أيضاً عدم الاحتفاظ بالحيوانات الأليفة داخل المنزل أو حتى في الشرفة بما في ذلك الطيور والقطط والكلاب وإذا أصر الطفل على امتلاك حيوان أليف فيمكن الاحتفاظ بحوض أسماك الزينة أو سلحفاة.
وتجنب الاحتفاظ بأكوام الصحف القديمة والتي يمكن أن تحتوي على الأتربة والفطريات والعفن والعث بالإضافة إلى تأثير أحبار الطباعة ومن الضروري تنظيف المكتبة المنزلية والكتب بشفط الأتربة العالقة والتي قد تحتوي على المسببات نفسها حتى لا يستنشقها الطفل.
إضافة إلى تنظيف خزانة الملابس من مصادر الرطوبة والأتربة والتخلص من الملابس القديمة غير المستخدمة وعدم استخدام مركبات طرد العثة ذات الرائحة النفاذة حيث تسبب كيميائياً تهيج الأغشية المخاطية بالجهاز التنفسي.
وتشير الدكتورة حويجة إلى تجنب استخدام الوسادة المحشوة بالريش والصوف والقطن في فراش الطفل المصاب بحساسية العث المنزلي ويفضل استخدام اللحاف المحشو بالاسفنج الصناعي كما تجب تهوية مكونات الفراش وتعريضها لأشعة الشمس وتخليصها من الأتربة وتجنيبها الرطوبة حتى لا تتكاثر عثة الفراش وهي حيوانات أولية تسبب كل أنواع الحساسية، أيضاً مع تجنب وضع اللعب والدمى المكسوة بالفراء أو الصوف في فراش الطفل.
وهذا يقودنا إلى تقليل مستوى الرطوبة داخل المنزل بتهويته والسماح لأشعة الشمس بدخوله وخاصة غرف نوم الأطفال وان كان لابد من استخدام المكيفات فلا بد من التركيز على تنظيف الفلاتر على الأقل مرتين اسبوعياً.
مع عدم الاحتفاظ بنباتات الزينة داخل الغرف المغلقة وعدم استخدام المبيدات الحشرية أو المنظفات الكيميائية مثل الكلور وفي حال الاستخدام تجب تهوية المنزل بشكل جيد وتجنب معطرات الهواء والملابس والاستعاضة عنها بالنظافة والتهوية الجسدية.. أيضاً لأبخرة الطبخ ودخان الشواء آثاره الصحية السلبية لذلك لا بد من استخدام شفاط جيد وعزل المطبخ عن بقية الشقة ويفضل أن تكون أرض المنزل مغطاة بالرخام أو السيراميك أو البلاط لسهولة النظافة والتخلص من الأتربة والاهتمام بشفط الأتربة من السجاد ويفضل عدم استخدام الموكيت وتنظيف الحمام بما في ذلك الجدران والأرضيات والمحافظة على جفافه وعدم السماح بنمو الفطريات والطحالب الخضراء على جدرانه وغسل المفروشات الموجودة به مرة أسبوعياً وتجفيفها في أشعة الشمس..
وبعد... كل ما نعانيه من انتشار للأمراض والحساسية ونوبات الربو وحتى الاكتئاب والقلق نتهم به التلوث البيئي وكأنه جاء إلينا من كوكب آخر ولسنا نحن من صنعه!!
أما حان الوقت فعلاً للدراسات الجدية والحقيقية والاستفادة منها وتحليلها والاعتماد عليها في إجراءات تتم على ارض الواقع وليس رفع عتب..
: