تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : السيرة العطرة لخاتم الأنبياء والمرسلين وأصحبه الطيبين


هاوي بر
2006-11-28, 01:38 PM
اخواني واخواتي الكرام حبا في الحبيب المصطفى صلى الله

عليه وسلم وأهل بيته الطيبين رضي الله عنهم جمعنا في هذا الموضوع

سيرته العطرة مع سيرة ذريتة الطيبة لتكون زادا لنا ونهجا لحياتنا

وحصنا منيعا في وجه كل من يكيد لديننا في زمن تكالبت علينا

فيه الامم ..

إن من الواجب علينا التعرف على سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

الذي يتحلي بصفات الكمال المنقطعة النظير .. فقد أدبه ربه فأحسن تأديبه

حتى وسع الناس بأخلاقه .. وأخذ بالقلوب بكلامه .. وأسر الأرواح بسجاياه

ان حياته التي كانت كتابا مفتوحا للجميع تستحق ان تكون نبراسا نهتدي به

في جميع جوانب حياتنا قال تعالى :


(( لقد كان لكم فى رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجوا الله و اليوم الآخر

و ذكر الله كثيرا ))



~*¤®§ ][^*^] سيرة خاتم الأنبياء والمرسلين [^*^][ §®¤*~


~*¤®§ ][^*^] مزايا السيرة النبوية [^*^][ §®¤*~


تجمع السيرة النبوية عدة مزايا تجعل دراستها متعة روحية وعقلية وتاريخية ،

كما تجعل هذه الدراسة ضرورية لعلماء الشريعة والدعاة إلى الله والمهتمين بالإصلاح

الاجتماعي، ليضمنوا إبلاغ الشريعة إلى الناس بأسلوب يجعلهم يرون فيها المعتصم

الذي يلوذون به عند اضطراب السبل واشتداد العواصف ولتتفتح أمام الدعاة قلوب الناس

وأفئدتهم، ويكون الإصلاح الذي يدعو إليه المصلحون أقرب نجاحا وأكثر سدادا

وفيما يلي أبرز مزايا السيرة النبوية :


~*¤®§ ][^*^] أولا [^*^][ §®¤*~


أنها أصح سيرة لتاريخ نبي مرسل أو عظيم أو مصلح ، فقد وصلت إلينا سيرة رسول

الله صلى الله عليه وسلم عن أصح الطرق العلمية وأقواها ثبوتا مما لا يترك مجالاً للشك

في وقائعها البارزة وأحداثها الكبرى .

إن هذه الميزة من صحة السيرة صحة لا يتطرق إليها الشك لا توجد في سيرة رسول من

رسل الله السابقين ، فموسى عليه السلام قد اختلطت عندنا وقائع سيرته الصحيحة بما

أدخل عليها اليهود من زيف وتحريف، ومثل ذلك يقال في سيرة عيسى عليه السلام،

وإذا كان هذا شأن سير الرسل أصحاب الديانات المنتشرة في العالم، كان الشك أقوى

في سيرة أصحاب الديانات والفلاسفة الآخرين الذين يعد أتباعهم بمئات الملايين في

العالم كبوذا وكونفوشيوس .


~*¤®§ ][^*^] ثانيا [^*^][ §®¤*~


أن حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم واضحة كل الوضوح في جميع مراحلها منذ

زواج أبيه عبد الله بآمنة إلى وفاته صلى الله عليه وسلم، فنحن نعرف الشيء الكثير

عن ولادته وطفولته وشبابه ومكسبه قبل النبوة ورحلاته خارج مكة إلى أن بعثه الله

رسولاً كريماً، ثم نعرف بشكل أدق وأوضح وأكمل كل أحواله بعد ذلك سنة فسنة

مما يجعل سيرته عليه الصلاة والسلام واضحة وضوح الشمس كما قال بعض النقاد ال

غربيين :

" إن محمداً عليه الصلاة والسلام هو الوحيد الذي ولد على ضوء الشمس".


~*¤®§ ][^*^] ثالثا [^*^][ §®¤*~


أن سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم تحكي سيرة إنسان أكرمه الله بالرسالة فلم

تخرجه عن إنسانيته، ولم تلحق حياته بالأساطير، ولم تضفِ عليه الألوهية قليلا ولا كثيرا،

وإذا قارنا هذا بما يرويه المسيحيون عن سيرة عيسى عليه السلام وما يرويه البوذيون

عن بوذا والوثنيون عن آلهتهم المعبودة اتضح لنا الفرق جليا بين سيرته عليه السلام

وسيرة هؤلاء، ولذلك ظل وسيظل محمد صلى الله عليه وسلم المثل النموذجي الإنساني

الكامل لكل من أراد أن يعيش سعيداً كريماً في نفسه وأسرته وبيئته.

ومن هنا يقول الله في كتابه الكريم :

"لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر".


~*¤®§ ][^*^] رابعا [^*^][ §®¤*~


أن سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم شاملة لكل النواحي الإنسانية في الإنسان،

فهي تحكي لنا سيرة محمد الشاب الأمين المستقيم قبل أن يكرمه الله بالرسالة،

كما تحكي لنا سيرة رسول الله الداعية إلى الله المتلمس أجدى الوسائل لقبول دعوته،

الباذل منتهى طاقته وجهده في إبلاغ رسالته، كما تحكي لنا سيرته كرئيس دولة يضع

لدولته أقوم النظم وأصحها، ويحميها بيقظته وإخلاصه وصدقه بما يكفل لها النجاح.

كما تحكي لنا سيرة الرسول الزوج والأب في حنو العاطفة وحسن المعاملة والتمييز ا

لواضح بين الحقوق والواجبات لكل من الزوج والزوجة والأولاد، كما تحكي لنا سيرة

الرسول المربي المرشد الذي يشرف على تربية أصحابه تربية مثالية ينقل فيها من روحه

إلى أرواحهم ومن نفسه إلى نفوسهم ما يجعلهم يحاولون الاقتداء به في دقيق الأمور

وكبيرها.


~*¤®§ ][^*^] خامسا [^*^][ §®¤*~


أن سيرة محمد صلى الله عليه وسلم وحدها تعطينا الدليل الذي لا ريب فيه على صدق

رسالته ونبوته إنها سيرة إنسان كامل سار بدعوته من نصر إلى نصر، لا على طريق

الخوارق والمعجزات، بل عن طريق طبيعي، فلقد دعى فأوذي، وبلغ فأصبح له الأنصار،

واضطر إلى الحرب فحارب، وكان حكيماً موفقاً في قيادته فما أزفت ساعة وفاته إلا

كانت دعوته تلف الجزيرة العربية كلها عن طريق الإيمان لا عن طريق القهر والغلبة.

ومن تتبع القرآن الكريم وجد أنه اعتمد في الاقناع على المحاكمة العقلية والمشاهدة

المحسوسة لعظيم صنع الله والمعرفة التامة بما كان عليه الرسول من أمية تجعل إتيانه

بالقرآن الكريم دليلاً على صدق رسالته صلى الله عليه وسلم ، يقول الله تعالى في سورة

العنكبوت:

(( وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين *

أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم

يؤمنون ))

ولما اشتط كفار قريش في طلب المعجزات من رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كانت

تفعل الأمم الماضية أمره الله أن يجيبهم بقوله :

(( سبحان ربي هل كنتُ إلا بشراً رسولاً ))

وهكذا يقرر القرآن بصراحة ووضوح أن محمداً صلى الله عليه وسلم إنسان رسول، وأنه

لا يعتمد في دعوى الرسالة على الخوارق والمعجزات وإنما يخاطب العقول والقلوب

(( فمن يردِ اللهُ أن يهديَه يشرح صدره للإسلام ))



يـــتـــبـــع......

هاوي بر
2006-11-28, 01:38 PM
~*¤®§ ][^*^] البطاقة التعريفية لخير البرية [^*^][ §®¤*~





~*¤®§ ][^*^] نسبه صلى الله عليه وسلم [^*^][ §®¤*~


تعرف أسرته صلى الله عليه وسلم بالأسرة الهاشمية نسبة إلى جده

هاشم بن عبد مناف

هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب

بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة

بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان .





~*¤®§ ][^*^] موطنه صلى الله عليه وسلم [^*^][ §®¤*~


اختار الله له من بقاع العالم ومن بين أصقاعها أحب البلاد إليه سبحانه، البلد الحرام

والتربة الطاهرة والأرض المقدسة والوطن المحاط بالعناية المحروس بالرعاية فولد

صلى الله عليه وسلم في مكة في عام الفيل حيث صلى الأنبياء، وهبط الوحي،

وطلع النور، وأشرقت الرسالة، وسطعت النبوة، وانبلج فجر البعثة .





~*¤®§ ][^*^] البيت النبوي الشريف [^*^][ §®¤*~


كان النبي صلى الله عليه وسلم يمتاز عن أمته بحل التزوج بأكثر من أربع زوجات

لأغراض كثيرة، فكان عدد من عقد عليهن ثلاثة عشرة امرأه، منهن تسع مات عنهن،

واثنتان توفيتا في حياته، إحداهما خديجة، والأخرى أم المساكين زينب بنت خريمة،

واثنتان لم يدخل بهما.

أمهات المؤمنين

- السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها : وهي أول من تزوجه من النساء، ولم

يتزوج عليها غيرها، وكان له منها أبناء وبنات، أما الأبناء ، فلم يعش منهم أحد ،

وأما البنات فهن ‏:‏

زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة

فأما زينب فتزوجها قبل الهجرة ابن خالتها‏,‏ أبوالعاص بن الربيع

وأما رقية وأم كلثوم فقد تزوجهما عثمان بن عفان رضي الله عنه

وأما فاطمة فتزوجها على بن أبي طالب بين بدر وأحد، ومنها كان

الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم‏.‏

- سودة بنت زمعة رضي الله عنها : تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال

سنة عشر من النبوة، بعد وفاة خديجة بنحو شهر ، توفيت بالمدينة في شوال سنة54هـ ‏.‏

ـ عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها : تزوجها وهي بنت تسع اوعشر سنين ،

وكانت بكرا ولم يتزوج بكرا غيرها، وكانت أحب الخلق إليه، وأفقه نساء الأمة، وأعلمهن

على الإطلاق ، فضلها على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ‏، توفيت في 17رمضان

سنة 57هـ أو 58 هـ ودفنت بالبقيع‏.‏

- حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي اله عنها : تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في

شعبان سنة 3هـ توفيت في شعبان سنة 45هـ بالمدينة ، ولها ستون سنة، ودفنت

بالبقيع‏.‏

- زينب بنت خزيمة رضي الله عنها : وكانت تسمى أم المساكين، لرحمتها أياهم ورقتها

عليهم، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة 4 هـ ‏،‏ ماتت بعد الزواج بنحو ثلاثة

أشهرفي ربيع الآخر سنة 4هـ ، فصلى عليها النبي صلى الله عليه وسلم، ودفنت بالبقيع‏.‏

- أم سلمة هند بنت أبي أمية رضي الله عنها : كانت من افقه النساء وأعقلهن‏ ، توفيت

سنة 59هـ، وقيل‏:‏ 62هـ ودفنت بالبقيع، ولها 84 سنة‏.‏

- زينب بنت جحش رضي الله عنها وهي بنت عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانت

تحت زيد بن حارثة الذي كان يعتبر ابنا للنبي صلى الله عليه وسلم فطلقها زيد، فلما

انقضت العدة أنزل الله تعالى يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم ‏:

(( ‏فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا‏ ))‏ ‏، وفيها نزلت من سورة الأحزاب آيات فصلت قضية

التبني ، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة سنة خمس من الهجرة‏ ،

وقيل‏ سنة 4هـ، وكانت أعبد النساء وأعظمهن صدقة ، توفيت سنة 20هـ ولها 53 سنة‏ ،

وكانت أول أمهات المؤمنين وفاة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، صلى عليها عمر

بن الخطاب رضي الله عنه، ودفنت بالبقيع‏.‏

- جويرية بنت الحارث رضي الله عنها : كانت في سبي بنى المصطلق فقضى رسول الله

صلى الله عليه وسلم كتابتها، وتزوجها ، فأعتق المسلمون مائة أهل بيت من بني المصطلق،

فكانت أعظم النساء بركة على قومها‏ ،‏ توفيت في ربيع الأول سنة 56هـ، وقيل‏:‏ 55 هـ‏

ولها 65 سنة‏.‏

- أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنها : ارتد زوجهاعبيد الله وتنصر في الحبشة،

وتوفي هناك ، وثبتت أم حبيبة على دينها وهجرتها، فكاتب النجاشي في المحرم سنة

7 هـ‏ ، فخطبها وزوجها إياه وبعث بها مع شرحبيل بن حسنة‏ ،‏ توفيت سنة 42 هـ،

أو 44هـ، أو 50هـ‏.‏

- صفية بنت حيي بن أخطب سيد بن النضير رضي الله عنها : كانت من سبي خيبر، فاصطفاها

رسول الله صلى الله وعليه وسلم لنفسه، وعرض عليها الإسلام فأسلمت، فأعتقها وتزوجها

بعد فتح خيبر سنة 7هـ ،‏ توفيت سنة 50 هـ وقيل‏:‏ 52هـ، وقيل 36 هـ ودفنت بالبقيع‏.‏

- ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها : تزوجها في ذي القعدة سنة 7 هـ، في عمرة القضاء،

وقد توفيت بسرف سنة 61 هـ، وقيل‏ 63، وقيل‏ 38 هـ ودفنت هناك ، ولا يزال موضع

قبرها معروفا‏.‏





~*¤®§ ][^*^] موطن وفاته [^*^][ §®¤*~


توفي صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة في يوم الاثنين 12 ربيع الأول

سنة 11هـ، وقد تم له صلى الله عليه وسلم ثلاث وستون سنة ‏.‏
يتبع.........

هاوي بر
2006-11-28, 01:39 PM
~*¤®§ ][^*^] مولد خير البرية مع صفحات من حياته [^*^][ §®¤*~





~*¤®§ ][^*^] مولـــده [^*^][ §®¤*~


ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع

الأول عام الفيل ، وكانت العادة عند الحاضرين من العرب أن يلتمسوا المراضع لأولادهم

ابتعادا لهم عن أمراض الحواضر ولتقوى أجسامهم ، وتشتد أعصابهم ، ويتقنوا اللسان

العربى في مهدهم ، وكانت حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية أم رسول الله صلى الله عليه

وسلم التي أرضعته وكانت تحدث عن ذلك قائلة ..

خرجت من بلدي مع زوجي نلتمس الرضعاء في سنة شهباء ،فخرجت على أتان لي

قمراء معنا شارف لنا ، والله ما تبض بقطرة وما ننام ليلنا أجمع من صبينا الذي معنا ،

من بكائه من الجوع ، ولكنا كنا نرجو الغيث والفرج فخرجت على أتاني تلك ، حتى

قدمنا مكة نلتمس الرضعاء ، فما منا امرأة إلا وقد عرض عليها رسول الله صلى الله عليه

وسلم فتأباه إذا قيل لها إنه يتيم وذلك أنا إنما كنا نرجو المعروف من أبي الصبي ، فما

بقيت امرأة قدمت معي إلا أخذت رضيعا غيري ، فلما أجمعنا الانطلاق قلت لصاحبي :

والله إني لأكره أن أرجع من بين صواحبي ولم آخذ رضيعا ، والله لأذهبن إلى ذلك اليتيم

فلآخذنه ، فذهبت إليه فأخذته ، وما حملني على أخذه إلا أني لم أجد غيره ..

فلما أخذته رجعت به إلى رحلي ، وارضعته وشرب معه أخوه حتى روي ثم ناما وما كنا ننام

معه قبل ذلك وقام زوجي إلى شارفنا تلك ، فإذا إنها لحافل فحلب منها ما شرب وشربت معه

حتى انتهينا ريا وشبعا ، فبتنا بخير ليلة .

قال صاحبي حين أصبحنا : تعلمي والله يا حليمة لقد أخذت نسمة مباركة

فقلت : والله إني لأرجو ذلك

ثم قدمنا منازلنا وما أعلم أرضا من أرض الله أجدب منها ، فكانت غنمي تروح علي حين قدمنا

به معنا شباعا لبنا ، فنحلب ونشرب وما يحلب إنسان قطرة لبن حتى كان الحاضرون من قومنا

يقولون لرعيانهم ويلكم اسرحوا حيث يسرح راعي بنت أبي ذؤيب .

فلم نزل نتعرف من الله الزيادة والخير حتى مضت سنتاه وفصلته وكان يشب شبابا لا يشبه

الغلمان فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلاما جفرا ، فقدمنا به على أمه ونحن أحرص شيء على

مكثه فينا ، لما كنا نرى من بركته ، فكلمنا أمه وقلت لها :

لو تركت بني عندي حتى يغلظ فإني أخشى عليه وبأ مكة ، فلم نزل بها حتى ردته معنا .





~*¤®§ ][^*^] حادثة شق الصدر [^*^][ §®¤*~


بعد مقدمهم بأشهر أتاهم أخوه يشتد ، فقال لها ولأبيه :

ذاك أخي القرشي قد أخذه رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاه فشقا بطنه ..

فخرجوا فوجدوه قائما منتقعا وجهه ، قالت فالتزمته والتزمه أبوه فقلنا له : ما لك يا بني

قال : جاءني رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاني وشقا بطني ، فالتمسا فيه شيئا لا

أدري ما هو .

فاحتملوه ثم قدموابه على أمه فقالت :

ما أقدمك به وقد كنت حريصة عليه وعلى مكثه عندك ؟ ما هذا شأنك فاصدقيني خبرك .

قالت : فلم تدعني حتى أخبرتها .

قالت : أفتخوفت عليه الشيطان ؟

قالت : قلت نعم

قالت : كلا ، والله ما للشيطان عليه من سبيل وإن لإبني لشأنا ، لقد رأيت حين حملت به

أنه خرج مني نور أضاء لي قصور بصرى من أرض الشام ، ثم حملت به فوالله ما رأيت من

حمل قط كان أخف علي ولا أيسر منه ووقع حين ولدته وإنه لواضع يديه بالأرض رافع رأسه

إلى السماء دعيه عنك وانطلقي راشدة .

ثم رأت آمنة وفاء لذكرى زوجها الراحل أن تزور قبره بيثرب، فخرجت من مكة ومعها ولدها

اليتيم وخادمتها أم أيمن، وقيمها عبد المطلب، فمكثت شهرا ، وبينما هي راجعة إذ لحقها

المرض في أوائل الطريق ، ثم اشتد حتى ماتت بالأبواء بين مكة والمدينة‏.‏

وعاد به عبد المطلب إلى مكة ، وكانت مشاعر الحنو في فؤاده تربو نحو حفيده اليتيم ، فرق

عليه رقة لم يرقها على أحد من أولاده ، فكان لا يفارقه ، ثم توفي جده في السنة الثامنة من

مولده ، وأوصى به إلى أبي طالب وذلك لأن عبد الله أبا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا

طالب أخوان لأب وأم ، فتولى تربية رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعد جده ، ورق عليه

رقة شديدة ، وكان يقدمه على أولاده .





~*¤®§ ][^*^] قصة بحيرى [^*^][ §®¤*~


خرج أبا طالب في ركب تاجرا إلى الشام ، فلما تهيأ للرحيل وأجمع المسير صب به رسول الله

صلى الله عليه وسلم فرق له أبو طالب وقال والله لأخرجن به معي ، ولا يفارقني ، ولا أفارقه

أبدا ، فخرج به معه ونزل الركب بصرى من أرض الشام ، وبهما راهب يقال له بحيرى في

صومعة له ، فلما نزلوا به قريبا من صومعته صنع لهم طعاما كثيرا ، وذلك فيما يزعمون عن شيء

رآه وهوفي صومعته يزعمون أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الركب حين أقبلوا ،

وغمامة تظله من بين القوم ، قال ثم أقبلوا فنزلوا في ظل شجرة قريبا منه ، فنظر إلى الغمامة

حين أظلت الشجرة حتى استظل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحتها ، فلما رأى ذلك نزل من

صومعته ثم أرسل إليهم فقال : إني قد صنعت لكم طعاما يا معشر قريش ، فأنا أحب أن تحضروا

كلكم صغيركم وكبيركم وعبدكم وحركم ..

فاجتمعوا إليه وتخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين القوم لحداثة سنه في رحال القوم

تحت الشجرة ، فلما نظر بحيرى في القوم لم ير الصفة التي يعرف ويجد عنده فقال يا معشر قريش

لا يتخلفن أحد منكم عن طعامي قالوا له يا بحيرى ، ما تخلف عنك أحد ينبغي له أن يأتيك إلا

غلام وهو أحدث القوم سنا ، فتخلف في رحالهم فقال لا تفعلوا ، ادعوه فليحضر هذا الطعام

معكم ، فلما رآه بحيرى جعل يلحظه لحظا شديدا وينظر إلى أشياء من جسده قد كان يجدها عنده

من صفته حتى إذا فرغ القوم من طعامهم وتفرقوا ، قام إليه بحيرى فقال له :

بالله إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه .. فقال : له سلني عما بدا لك .

فجعل يسأله عن أشياء من حاله في نومه وهيئته وأموره فجعل رسول الله صلى الله عليه

وسلم يخبره فيوافق ذلك ما عند بحيرى من صفته ثم نظر إلى ظهره فرأى خاتم لنبوة بين كتفيه

على موضعه من صفته التي عنده ، فلما فرغ أقبل على عمه أبي طالب فقال له :

ما هذا الغلام منك ؟

قال : ابني .

قال له بحيرى : ما هو بابنك ، وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حيا

قال : فإنه ابن أخي

قال : فما فعل أبوه ؟

قال : مات وأمه حبلى به

قال : صدقت ، فارجع بابن أخيك إلى بلده واحذر عليه يهود فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما

عرفت ليبغنه شرا ، فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم فأسرع به إلى بلاده .

فخرج به عمه أبو طالب سريعا حتى أقدمه مكة حين فرغ من تجارته بالشام .





~*¤®§ ][^*^] صفاته [^*^][ §®¤*~


كان صلى الله عليه وسلم جميل الصفات مشرق المحيا، قريب من القلوب ، حبيب الى الأرواح،

تعلوه مهابة وترافقه جلالة ، على وجهه نور الرسالة ، وعلى ثغره بسمة المحبة ، سديد الرأي ،

يسعد به جليسه، وينعم به رفيقه، ويرتاح له صاحبه ، يحب الفأل ويكره الطيرة ، يعفو ويصفح ،

ويسخو ويمنح ، وأبهى من البدر ، وسع الناس بأخلاقه وطوق الرجال بكرمه ، من رآه أحبه،

ومن عرفه هابه ، ومن داخله أجله ، كلامه يأخذ بالقلوب ، وسجاياه تأسر الأرواح.





~*¤®§ ][^*^] اخلاقه [^*^][ §®¤*~


كان في شبابه زينة الشباب وجمال الفتيان، عفة ومروءة وعقلا وأمانة وفصاحة، لم يكن

يكذب كذبة واحدة، ولم تعلم له عثرة واحدة ولا زلة واحدة ولا منقصة واحدة، فهو طاهر الإزار

مأمون الدخيلة، زاكي السر والعلن، وقور المقام، محترم الجانب ،عذب السجايا، صادق المنطق،

عف الخصال ، حسن الخلال.

ولم يكن له صلى الله عليه وسلم عمل معين في أول شبابه، إلا أن الروايات توالت أنه كان

يرعى غنما لأهلها على قراريط ، وفي الخامسة والعشرين من عمره خرج تاجرا إلى الشام

في مال خديجة رضي الله عنها وقد كانت تاجرة ذات شرف ومال، تستأجر الرجال في مالها،

وتضاربهم إياه بشيء تجعله لهم، وكانت قريش قوما تجارا، فلما بلغها عن رسول الله صلى

الله عليه وسلم ما بلغها من صدق حديثه، وعظم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه، فعرضت عليه

أن يخرج في مال لها إلى الشام تاجرا، وتعطيه أفضل ما كانت تعطى غيره من التجار، مع

غلامها يقال له‏ ميسرة.

فقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، وخرج في مالها، وخرج معه غلامها ميسرة حتى

قدم الشام ، ثم باع رسول الله صلى الله عليه وسلم سلعته التي خرج بها ، واشترى ما أراد

أن يشتري ثم أقبل قافلا إلى مكة ومعه ميسرة ، وكان إذا كانت الهاجرة واشتد الحر ، يرى

ملكين يظلانه من الشمس وهو يسير على بعيره ، فلما قدم مكة حدث ميسرة خديجةعما كان

يرى من إظلال الملكين إياه ، وكانت خديجة امرأة حازمة شريفة لبيبة مع ما أراد الله بها من

كرامته ، فبعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له :

يا ابن عم إني قد رغبت فيك لقرابتك ، وسلطتك في قومك وأمانتك وحسن خلقك ، وصدق

حديثك ، ثم عرضت عليه نفسها .

وكانت خديجة يومئذ أوسط نساء قريش نسبا ، وأعظمهن شرفا ، وأكثرهن مالا كل قومها

كان حريصا على ذلك منها لو يقدر عليه .





~*¤®§ ][^*^] زواجه من خديجة [^*^][ §®¤*~


ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك لأعمامه فخرج معه عمه حمزة بن عبد المطلب فخطبها

إليه فتزوجها ، وكانت أول امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتزوج عليها

غيرها حتى ماتت رضي الله عنها .

فولدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولده كلهم إلا إبراهيم ، القاسم وبه كان يكنى صلى الله

عليه وسلم والطاهر والطيب وزينب ، ورقية ، وأم كلثوم ، وفاطمة ، عليهم السلام .

فأما القاسم والطيب والطاهر فهلكوا في الجاهلية وأما بناته فكلهن أدركن الإسلام فأسلمن

وهاجرن معه .

هاوي بر
2006-11-28, 01:39 PM
~*¤®§ ][^*^] بشائر النبوة [^*^][ §®¤*~



~*¤®§ ][^*^] جبريل ينزل بالوحي [^*^][ §®¤*~


لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين سنة بعثه الله تعالى رحمة للعالمين ، وكان أول

ما بدئ به النبوة حين أراد الله كرامته ورحمة العباد به الرؤيا الصادقة لا يرىرؤيا في نومه إلا

جاءت كفلق الصبح وحبب الله تعالى إليه الخلوة فلم يكن شيء أحب إليه من أن يخلو وحده .

وفي شهر رمضان وفي الليلة التي أكرمه الله فيها برسالته، جاءه جبريل عليه السلام بأمر

الله تعالى وهو في غار حراء ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

" جاءني جبريل وأنا نائم بنمط من ديباج فيه كتاب فقال : اقرأ

قلت : ما أقرأ ؟ فغتني به حتى ظننت أنه الموت ثم أرسلني ..

فقال : اقرأ

قلت : ما أقرأ ؟ فغتني به حتى ظننت أنه الموت ثم أرسلني ..

فقال : اقرأ

قلت : ماذا أقرأ ؟ قال فغتني به حتى ظننت أنه الموت ثم أرسلني ..

فقال ا: قرأ

فقلت : ماذا أقرأ ؟ ما أقول ذلك إلا افتداء منه أن يعود لي بمثل ما صنع بي ..

فقال : (( اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم

علم الإنسان ما لم يعلم ))

قال : فقرأتها ثم انتهى فانصرف عني وهببت من نومي ، فكأنما كتبت في قلبي كتابا .

فخرجت حتى إذا كنت في وسط من الجبل سمعت صوتا من السماء يقول :

( يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل ) فرفعت رأسي إلى السماء أنظر فإذا جبريل في صورة

رجل صاف قدميه في أفق السماء ، وجعلت أصرف وجهي عنه في آفاق السماء فلا أنظر

في ناحية منها إلا رأيته كذلك فما زلت واقفا ما أتقدم أمامي ..

ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده ، حتى دخل على خديجة بنت خويلد فقال :

زملوني ، زملوني ، فزملوه حتى ذهب عنه الروع ، فقال لخديجة وأخبرها الخبرفقالت

خديجة : كلا والله ، ما يخزيك الله أبداً . إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتقري الضيف ،

وتكسب المعدوم ، وتعين على نوائب الحق .

فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن عم خديجة وكان قد

تنصر في الجاهلية ، فقالت له خديجة : يا ابن عم اسمع من ابن أخيك .

فقال له ورقة : يا ابن أخي ، ماذا ترى؟

فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر مارأى .

فقال له ورقة : هذا الناموس الذي نزل الله على موسى، يا ليتني فيها جذعا ، ليتني أكون حيا

إذ يخرجك قومك ؟

قال : أو مخرجي هم ؟

قال : نعم ، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي ، وإن يدركني قومك أنصرك نصرا

مؤزرا .




~*¤®§ ][^*^] الدعوة إلى الله [^*^][ §®¤*~


كان من الطبيعى أن يعرض الرسول صلى الله عليه وسلم الإسلام أولا على ألصق الناس به

من أهل بيته، وأصدقائه، فدعاهم إلى الإسلام، ودعا إليه كل من توسم فيه الخير فأجابه من

هؤلاء الذين لم تخالجهم ريبة قط في عظمة الرسول صلى الله عليه وسلم وجلالة نفسه وصدق

خبره ، جَمع عُرفوا في التاريخ الإسلامى بالسابقين الأولين ، وفي مقدمتهم زوجة النبي صلى

الله عليه وسلم أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، ومولاه زيد بن حارثة وابن عمه علي بن أبي طالب

وكان صبيا يعيش في كفالة الرسول صلى الله عليه وسلم وصديقه الحميم أبو بكر الصديق‏ .

ثم نشط أبو بكر رضي الله عنه في الدعوة إلى الإسلام ، فجعل يدعو من يثق به من قومه ممن

يغشاه ويجلس إليه، فأسلم بدعوته عثمان بن عفان ، وال++++ير بن العوام ، وعبد الرحمن بن عوف،

وسعد بن أبي وقاص ، وطلحة بن عبيد الله ‏، فكان هؤلاء النفر الثمانية الذين سبقوا الناس هم

الرعيل الأول وطليعة الإسلام‏.‏




~*¤®§ ][^*^] وأنذر عشيرتك الأقربين [^*^][ §®¤*~


فشا ذكر الإسلام بمكة وتحدث به الناس ، ثم إن الله عز وجل أمر رسوله صلى الله عليه وسلم

أن يصدع بما جاءه منه وأن يدعو إليه ، قال الله تعالى له :

(( فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين ))

وقال تعالى : (( وأنذر عشيرتك الأقربين واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين ))

فصعد الرسول صلى الله عليه وسلم الصفا فنادى : واصباحاه

فلما اجتمعوا إليه قال صلى الله عليه وسلم : " لو أخبرتكم أن خيلا تريد أن تخرج عليكم من

سفح هذا الجبل ، أكنتم مصدقي "

قالوا : نعم ، ما جربنا عليك كذبا .

قال ‏:‏ ‏" إنى نذير لكم بين يدى عذاب شديد ، إنما مثلى ومثلكم كمثل رجل رأي العدو فانطلق

يربأ أهله‏ " ثم دعاهم إلى الحق، وأنذرهم من عذاب الله ، فخص وعم فقال :

‏" يا معشر قريش، اشتروا أنفسكم من الله ، أنقذوا أنفسكم من النار، فإنى لا أملك لكم من الله

ضرا ولا نفعا، ولا أغنى عنكم من الله شيئا "‏

فقال أبو لهب : تبا لك ، ما جمعتنا إلا لهذا ؟

فأنزل الله قوله تعالى : (( تبت يدا أبي لهب وتب * ما أغنى عنه ماله وما كسب ))

ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما هو عليه يظهر دين الله ويدعو إليه ثم شرى الأمر

بينه وبين المشركين، وأكثرت قريش ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بينها ، فحض بعضهم

بعضا عليه ثم إنهم مشوا إلى أبي طالب ، فقالوا له :

يا أبا طالب إن لك سنا وشرفا ومنزلة فينا ، وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا ،

وإنا والله لا نصبر على هذا من شتم آبائنا ، وتسفيه أحلامنا ، وعيب آلهتنا ، حتى تكفه عنا ،

أو ننازله وإياك في ذلك حتى يهلك أحد الفريقين .

ثم انصرفوا عنه فعظم على أبي طالب فراق قومه وعداوتهم ولم يطب نفسا بإسلام رسول الله

صلى الله عليه وسلم لهم ولا خذلانه ، فبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له :

يا ابن أخي ، إن قومك قد جاءوني ، فقالوا لي كذا وكذا ، للذي كانوا قالوا له فأبق علي

وعلى نفسك ، ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق ..

فظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد ضعف عن نصرته والقيام معه فقال :

" يا عم ، والله لو وضعوا الشمس في يميني ، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر

حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته "




~*¤®§ ][^*^] ايذاء المشركين [^*^][ §®¤*~


كان النفر الذين يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته أبا لهب، والحكم بن أبي العاص

بن أمية، وعقبة بن أبي معيط، وعدى بن حمراء الثقفي، وابن الأصداءالهذلى وكانوا جيرانه

لم يسلم منهم أحد إلا الحكم بن أبي العاص، فكان أحدهم يطرح عليه صلى الله عليه وسلم رحم

الشاة وهو يصلى، وكان أحدهم يطرحها في برمته إذا نصبت له، حتى اتخذ رسول الله صلى الله

عليه وسلم حجرا ليستتر به منهم إذا صلى وازداد عقبة بن أبي معيط في شقاوته وخبثه، فقد

روى البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه‏:‏

أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى عند البيت، وأبو جهل وأصحاب له جلوس إذ قال

بعضهم لبعض ‏:‏ أيكم يجىء بسلا جزور بني فلان فيضعه على ظهر محمد إذا سجد، فانبعث

أشقى القوم ‏وهو عقبة بن أبي معيط‏‏ فجاء به فنظر، حتى إذا سجد النبي وضعه على ظهره

بين كتفيه، وأنا أنظر، لا أغنى شيئا، لو كانت لي منعة،فجعلوا يضحكون، ورسول الله صلى

الله عليه وسلم ساجد، لا يرفع رأسه، حتى جاءته فاطمة رضي الله عنها ، فطرحته عن ظهره ،

فرفع رأسه، ثم قال ‏:‏ ‏

" اللهم عليك بقريش‏ " ثلاث مرات، فشق ذلك عليهم إذ دعا عليهم، وكانوا يرون أن الدعوة

في ذلك البلد مستجابة، ثم سمى‏ :‏

‏" اللهم عليك بأبي جهل، وعليك بعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية

بن خلف، وعقبة بن أبي معيط‏ " فوالذي نفسى بيده لقد رأيت الذين عد رسول الله صلى الله

عليه وسلم صرعى في قليب بدر‏.‏




~*¤®§ ][^*^] الهجرة إلى الحبشة [^*^][ §®¤*~


في السنة الخامسة أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالهجرة إلى الحبشة لما اشتد عليهم

العذاب والأذى ، وكانت الحبشة متجر قريش ، وكان أهل هذه الهجرة الأولى اثني عشر رجلا

وأربع نسوة ، وكان أول من هاجر إليها عثمان بن عفان رضي الله عنه ، ومعه زوجته رقية

رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

خرجوا متسللين سرا ، فوفق الله لهم ساعة وصولهم إلى الساحل سفينتين للتجار ، فحملوهم

إلى الحبشة ، فأقاموا بالحبشة شعبان ورمضان ، ثم رجعوا إلى مكة في شوال ، ولما استمر

النبي صلى الله عليه وسلم على سب آلهتهم ، عادوا إلى شر مما كانوا عليه ، وازدادوا شدة

على من أسلم ، فأذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخروج إلى الحبشة مرة ثانية ،

فخرجوا ، وكان عدة من خرج في المرة الثانية ثلاثة وثمانين رجلا إن كان فيهم عمار بن ياسر

ومن النساء تسع عشرة امرأة .

هاوي بر
2006-11-28, 01:40 PM
~*¤®§ ][^*^] صبر وثبات على الحق [^*^][ §®¤*~




~*¤®§ ][^*^] عام الحزن [^*^][ §®¤*~


ألح المرض بأبي طالب، فلم يلبث أن وافته المنية، وكانت وفاته في رجب السنة العاشر

من النبوة ، وبعد وفاة أبي طالب بنحو شهرين أو بثلاثة أيام توفيت أم المؤمنين خديجة

رضي الله عنها ولها خمس وستون سنة ، فتتابعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم

المصائب ونالت قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأذى ما لم تكن تطمع به في

حياة أبي طالب .




~*¤®§ ][^*^] رحلة الطائف [^*^][ §®¤*~


خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف ، يلتمس النصرة من ثقيف ، والمنعة بهم

من قومه ورجاء أن يقبلوا منه ما جاءهم به من الله عز وجل.

و لما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف ، عمد إلى نفر من ثقيف ، هم يومئذ

سادة ثقيف وأشرافهم فجلس إليهم ودعاهم إلى الله وكلمهم بما جاءهم له من نصرته على

الإسلام والقيام معه على من خالفه من قومه ، فقال له أحدهم :

لئن كنت رسولا من الله كما تقول لأنت أعظم خطرا من أن أرد عليك الكلام ولئن كنت تكذب

على الله ما ينبغي لي أن أكلمك .

فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندهم وقد يئس من خير ثقيف فأغروا به سفهاءهم

وعبيدهم يسبونه ويصيحون به حتى اجتمع عليه الناس وألجئوه إلى حائط لعتبة بن ربيعة

وشيبة بن ربيعة ، فعمد إلى ظل حبلة من عنب فجلس فيه ، فلما اطمأن رسول الله صلى الله

عليه وسلم قال :

" اللهم إليك أشكو ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس يا أرحم الراحمين أنت

رب المستضعفين وأنت ربي ، إلى من تكلني ؟ إلى بعيد يتجهمني ؟

أم إلى عدو ملكته أمري ؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي ، ولكن عافيتك هي

أوسع لي ، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة

من أن تنزل بي غضبك ، أو يحل علي سخطك لك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا

قوة إلا بك "

فلما رآه ابنا ربيعة ، عتبة وشيبة وما لقي تحركت له رحمهما ، فدعوا غلاما لهما

نصرانيا يقال له عداس فقالا له : خذ قطفا من هذا العنب فضعه في هذا الطبق ثم اذهب

به إلى ذلك الرجل فقل له يأكل منه .

ففعل عداس ووضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال له : كل

فلما وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه يده قال : بسم الله ، ثم أكل .

فنظر عداس في وجهه ثم قال : والله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد .

فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ومن أهل أي البلاد أنت يا عداس وما دينك ؟

قال : نصراني ، وأنا رجل من أهل نينوى .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قرية الرجل الصالح يونس بن متى ؟

فقال له عداس : وما يدريك ما يونس بن متى ؟

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذاك أخي ، كان نبيا وأنا نبي .

فأكب عداس على رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل رأسه ويديه وقدميه فقال ابنا

ربيعة أحدهما لصاحبه : أما غلامك فقد أفسده عليك .

فلما جاءهما عداس قالا له : ويلك يا عداس مالك تقبل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه ؟

قال : يا سيدي ما في الأرض شيء خير من هذا ، لقد أخبرني بأمر ما يعلمه إلا نبي .




~*¤®§ ][^*^] رحلة الاسراء والمعراج [^*^][ §®¤*~



بينما النبي صلى الله عليه وسلم يمـر بهذه المرحلة، وأخذت الدعوة تشق طريقا بين النجاح

والاضطهـاد، وبـدأت نجـوم الأمل تتلمح في فاق بعيدة، وقع حادث الإسراء والمعـراج‏ ..

قال ابن القيم‏ رحمه الله في وصف هذه الرحلة :‏

أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم بجسده على الصحيح من المسجد الحرام إلى بيت

المقدس، راكبا على البُراق، صحبة جبريل عليهما الصلاة والسلام، فنزل هناك، وصلى

بالأنبياء إماما، وربط البراق بحلقة باب المسجد‏ ، ثم عرج به تلك الليلة من بيت المقدس إلى

السماء الدنيا، فاستفتح له جبريل ففتح له، فرأي هنالك آدم أبا البشر، فسلم عليه، فرحب

به ورد عليه السلام ، وأقر بنبوته، وأراه الله أرواح السعداء عن يمينه، وأرواح الأشقياء

عن يساره‏.‏

ثم عرج به إلى السماء الثانية، فاستفتح له، فرأي فيها يحيى بن زكريا وعيسى ابن مريم،

فلقيهما وسلم عليهما، فردا عليه ورحبا به، وأقرا بنبوته‏.‏

ثم عرج به إلى السماء الثالثة، فرأي فيها يوسف، فسلم عليه فرد عليه ورحب به، وأقر بنبوته‏.‏

ثم عرج به إلى السماء الرابعة فرأي فيها إدريس فسلم عليه، فرد عليه، ورحب به، وأقر بنبوته‏.‏

ثم عرج به إلى السماء الخامسة، فرأي فيها هارون بن عمران، فسلم عليه، فرد عليه ورحب به،

وأقر بنبوته‏.‏

ثم عرج به إلى السماء السادسة، فلقى فيها موسى بن عمران، فسلم عليه، فرد عليه ورحب به،

وأقر بنبوته‏.‏

فلما جاوزه بكى موسى ، فقيل له‏:‏ ما يبكيك ‏؟‏

فقال‏:‏ أبكى لأن غلاما بعث من بعدى يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتى‏.‏

ثم عرج به إلى السماء السابعة، فلقى فيها إبراهيم عليه السلام، فسلم عليه، فرد عليه، ورحب

به، وأقر بنبوته‏.‏

ثم رفع إلى سدرة المنتهى، فإذا نَبقها مثل قِلال هَجَر، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة، ثم غشيها

فراش من ذهب، ونور وألوان، فتغيرت، فما أحد من خلق الله يستطيع أن يصفها من حسنها‏.‏

ثم رفع له البيت المعمور، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون‏.

ثم أدخل الجنة فإذا فيها حصاها اللؤلؤ، وإذا ترابها المسك‏ ، وعرج به حتى ظهر لمستوى يسمع

فيه صَرِيف الأقلام‏.‏

ثم عرج به إلى الجبار جل جلاله، فدنا منه حتى كان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إلى عبده

ما أوحى، وفرض عليه خمسين صلاة، فرجع حتى مرعلى موسى فقال له‏:‏ بم أمرك ربك‏؟‏

قال‏:‏ ‏بخمسين صلاة‏

قال‏:‏ إن أمتك لا تطيق ذلك، ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك .

فالتفت إلى جبريل، كأنه يستشيره في ذلك، فأشار ‏:‏ أن نعم إن شئت .

فعلا به جبريل حتى أتى به الجبار تبارك وتعالى، وهو في مكانه فوضع عنه عشرا ، ثم أنزل

حتى مر بموسى ، فأخبره، فقال‏:‏ ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف .

فلم يزل يتردد بين موسى وبين الله عز وجل، حتى جعلها خمسا، فأمره موسى بالرجوع

وسؤال التخفيف، فقال‏ :‏ ‏قد استحييت من ربي، ولكني أرضى وأسلم‏، فلما بعد نادى مناد‏:‏

قد أمضيت فريضتى وخففت عن عبادى‏.‏




~*¤®§ ][^*^] بدء إسلام الأنصار [^*^][ §®¤*~


لما أراد الله عز وجل إظهار دينه وإعزاز نبيه صلى الله عليه وسلم وإنجاز موعده له خرج رسول

الله صلى الله عليه وسلم في الموسم الذي لقيه فيه نفر من الأنصار ، فعرض نفسه على قبائل

العرب ، كما كان يصنع في كل موسم ، فبينما هو عند العقبة لقي رهطا من الخزرج أراد الله

بهم خيرا ، فجلسوا معه فدعاهم إلى الله عز وجل وعرض عليهم الإسلام وتلا عليهم القرآن ،

وكان مما صنع الله بهم في الإسلام أن يهود كانوا معهم في بلادهم وكانوا أهل كتاب وعلم

قد غزوهم ببلادهم فكانوا إذا كان بينهم شيء قالوا لهم :

إن نبيا مبعوث الآن قد أظل زمانه نتبعه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم .

فلما كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أولئك النفر ودعاهم إلى الله قال بعضهم

لبعض يا قوم تعلموا والله إنه للنبي الذي توعدكم به يهود فلا تسبقنكم إليه .

فأجابوه فيما دعاهم إليه وقبلوا منه ما عرض عليهم من الإسلام ، ثم انصرفوا عن

رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعين إلى بلادهم وقد آمنوا وصدقوا ، وبعث رسول

الله صلى الله عليه وسلم معهم مصعب بن عمير رضي الله عنه ، وأمره أن يقرئهم القرآن

ويعلمهم الإسلام ويفقههم في الدين .

وفي السنة الثانية خرج من خرج من الأنصار من المسلمين إلى الموسم مع حجاج قومهم

من أهل الشرك حتى قدموا مكة ، فواعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة ، من

أوسط أيام التشريق حين أراد الله بهم ما أراد من كرامته والنصر لنبيه وإعزاز الإسلام

وأهله وإذلال الشرك وأهله ، واجتمعوافي الشعب عند العقبة ، وكان عددهم ثلاثة

وسبعون رجلا ، وامرأتان .

هاوي بر
2006-11-28, 01:40 PM
~*¤®§ ][^*^] العهد الجديد و بناء المجتمع الاسلامي [^*^][ §®¤*~



~*¤®§ ][^*^] هجرته صلى الله عليه وسلم [^*^][ §®¤*~


أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بعد أصحابه من المهاجرين ينتظر أن

يؤذن له في الهجرة ولم يتخلف معه بمكة أحد من المهاجرين إلا من حبس أو فتن

إلا علي بن أبي طالب ، وأبو بكر بن أبي قحافة الصديق رضي الله عنهما.

ولما رأت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صارت له أصحاب من غيرهم

بغير بلدهم وأصابوا منه منعة فحذروا خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم

وعرفوا أنهم قد أجمع لحربهم ، فاجتمعوا في دار الندوة يتشاورون فيها ما يصنعون

في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خافوه .

فاعترضهم إبليس في هيئة شيخ جليل فدخل معهم وقد اجتمع فيها أشراف قريش فقال

بعضهم لبعض إن هذا الرجل قد كان من أمره ما قد رأيتم فإنا والله ما نأمنه على الوثوب

علينا فيمن قد اتبعه من غيرنا ، فأجمعوا فيه رأيا فتشاوروا .

قال قائل منهم احبسوه في الحديد وأغلقوا عليه بابا ، ثم قال قائل منهم نخرجه من بين

أظهرنا ، فننفيه من بلادنا ، فإذا أخرج عنا فوالله ما نبالي أين ذهب.

فقال أبو جهل بن هشام والله إن لي فيه لرأيا ما أراكم وقعتم عليه بعد ، أرى أن نأخذ

من كل قبيلة فتى شابا جليدا نسيبا وسيطا فينا ، ثم نعطي كل فتى منهم سيفا صارما ،

ثم يعمدوا إليه فيضربوه بها ضربة رجل واحد فيقتلوه فنستريح منه ، فإنهم إذا فعلوا

ذلك تفرق دمه في القبائل جميعا ، فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعا ،

فرضوا منا بالعقل فعقلناه لهم .

فأتى جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :

لا تبت هذه الليلة على فراشك .

فلما كانت عتمة من الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه متى ينام فيثبون عليه فلما رأى

رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانهم قال لعلي بن أبي طالب : نم على فراشي، ثم

وتسج ببردي ، فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم .

ثم خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ حفنة من تراب في يده ثم قال

وأخذ الله تعالى على أبصارهم عنه فلا يرونه فجعل ينثر ذلك التراب على رءوسهم

وهو يتلو الآيات من سورة يس إلى قوله تعالى :

(( فأغشيناهم فهم لا يبصرون )) ثم انصرف إلى حيث أراد أن يذهب .

فأتاهم آت ممن لم يكن معهم فقال: ما تنتظرون هاهنا ؟

قالوا : محمدا

قال : خيبكم الله قد والله خرج عليكم محمد ثم ما ترك منكم رجلا إلا وقد وضع على

رأسه ترابا ، وانطلق لحاجته أفما ترون ما بكم ؟

فوضع كل رجل منهم يده على رأسه فإذا عليه تراب ثم جعلوا يتطلعون فيرون عليا على

الفراش متسجيا ببرد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون والله إن هذا لمحمد نائما ،

عليه برده ، فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا فقام علي رضي الله عنه عن الفراش .

عن عائشة رضي الله عنها قالت :

كان لا يخطئ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي بيت أبي بكر أحد طرفي النهار

إما بكرة وإما عشية حتى إذا كان اليوم الذي أذن فيه لرسول الله صلى الله عليه وسلم

في الهجرة والخروج من مكة من بين ظهري قومه أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم

بالهاجرة في ساعة كان لا يأتي فيها ، فلما رآه أبو بكر قال ما جاء رسول الله صلى

الله عليه وسلم هذه الساعة إلا لأمر حدث ، فلما دخل تأخر له أبو بكر عن سريره فجلس

رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس عند أبي بكر إلا أنا وأختي أسماء بنت أبي

بكر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

أخرج عني من عندك .

فقال : يا رسول الله إنما هما ابنتاي وما ذاك ؟ فداك أبي وأمي .

فقال : إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة .

فقال أبو بكر : الصحبة يا رسول الله .

قال : الصحبة .

قالت فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر

يبكي يومئذ ثم قال : يا نبي الله إن هاتين راحلتان قد كنت أعددتهما لهذا .

فاستأجرا عبد الله بن أريقط يدلهما على الطريق فدفعا إليه راحلتيهما ، فكانتا عنده

يرعاهما لميعادهما .

فلما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج خرجا من خوخة لأبي بكر في ظهر

بيته ثم عمد إلى غار بثور فدخلاه وأمر أبو بكر ابنه عبد الله بن أبي بكر أن يتسمع

لهما ما يقول الناس فيهما نهاره ثم يأتيهما إذا أمسى بما يكون في ذلك اليوم من

الخبر وأمر عامر بن فهيرة مولاه أن يرعى غنمه نهاره ثم يريحها عليهما ، يأتيهما

إذا أمسى في الغار ، وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما من الطعام إذا أمست

بما يصلحهما .

أما قريش فقد جن جنونها حينما تأكد لديها إفلات رسول الله صلى الله عليه وسلم

صباح ليلة تنفيذ المؤامرة‏ ، فوضعت جميع الطرق النافذة من مكة ‏تحت المراقبة

المسلحة الشديدة , وجدت الفرسان والمشاة وقصاص الأثر في الطلب ، وانتشروا

في الجبال والوديان ، والوهاد والهضاب ، ووصل المطاردون إلى باب الغار

وأحاطوا به ومعهم السيوف المصلتة والقلوب الحاقدة يريدون روحه صلى الله عليه

وسلم بأي ثمن، وهو أعزل من السلاح ؟

فلما رأى صلى الله عليه وسلم تخوف أبي بكر رضي الله عنه عليه قال :

" يا أبا بكر، ما ظنّك باثنين الله ثالثهما "




~*¤®§ ][^*^] قصة سراقة بن مالك [^*^][ §®¤*~


لما أيس المشركون منهما جعلوا لمن جاء فيهما دية كل واحد منهما ، لمن يأتي

بهما أو بأحدهما ، فجد الناس في الطلب ، والله غالب على أمره ، فأراد أن

يكون الظفر له ، فأخذ رمحه و ركب فرسه ، فلما قرب منهم ، وسمع قراءة النبي

صلى الله عليه وسلم وأبوبكر يكثر الالتفات ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم

لا يلتفت قال أبو بكر : يا رسول الله هذا سراقة بن مالك قد رهقنا ، فدعا عليه

رسول الله صلى الله عليه وسلم فساخت يدا فرسه في الأرض .

فقال : قد علمت أن الذي أصابني بدعائكما ، فادعوا الله لي ، ولكما أن أرد

الناس عنكما .

فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخلصت يدا فرسه ، فانطلق .

وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتب له كتابا ، فكتب له أبو بكر

بأمره في أديم وكان الكتاب معه إلى يوم فتح مكة ، فجاء به ، فوفى له

رسول الله صلى الله عليه وسلم .




~*¤®§ ][^*^] بناء مسجد قباء [^*^][ §®¤*~


أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء ، في بني عمرو بن عوف ، يوم الاثنين

ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء ويوم الخميس وأسس مسجد قباء .

ثم أخرجه الله من بين أظهرهم يوم الجمعة ، فأدركت رسول الله صلى الله عليه

وسلم الجمعة في بني سالم بن عوف ، فكانت أول جمعة صلاها بالمدينة .




~*¤®§ ][^*^] طلع البدر علينا [^*^][ §®¤*~


سار النبي صلى الله عليه وسلم بعد الجمعة حتى دخل المدينة ومنذ ذلك اليوم سميت

بلدة يثرب بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويعبر عنها بالمدينة مختصرا وكان

يوما مشهودا أغر، فقد ارتجت البيوت والسكك بأصوات الحمد والتسبيح، وتغنت

بنات الأنصار بغاية الفرح والسرور ‏:‏

طـلـع الـبــدر علـينا ** مـن ثـنيــات الـوداع

وجـب الشـكـر علـينا ** مـــا دعــا لـلـه داع

أيـهـا المبـعـوث فـينا ** جـئـت بـالأمـر المطاع

والأنصار وإن لم يكونوا أصحاب ثروات طائلة إلا أن كل واحد منهم كان يتمنى أن ينزل

الرسول صلى الله عليه وسلم عليه، فكان لا يمر بدار من دور الأنصار إلا أخذوا خطام

راحلته‏ فكان يقول لهم ‏:‏ " خلوا سبيلها فإنها مأمورة‏ "

فلم تزل سائرة به حتى وصلت إلى موضع المسجد النبوى ليوم فبركت، ولم ينزل عنها

حتى نهضت وسارت قليلا، ثم التفتت ورجعت فبركت في موضعها الأول، فنزل عنها،

وذلك في بني النجار أخواله صلى الله عليه وسلم وكان من توفيق الله لها، فإنه أحب

أن ينزل على أخواله، يكرمهم بذلك، فجعل الناس يكلمون رسول الله صلى الله عليه

وسلم في النزول عليهم، وبادر أبو أيوب الأنصارى إلى رحـله، فأدخله بيته،فجعل

رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ‏:‏

‏ " المرء مع رحله‏ " وجـاء أسعد بن زرارة فأخـذ بزمام راحلته، فكانت عنــده‏.‏

وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة ، وأبا رافع رضي الله عنهما ،

إلى مكة ، فقدما عليه بفاطمة وأم كلثوم ابنتيه ، وسودة بنت زمعة زوجه ، وأسامة

بن زيد ، وأم أيمن رضي الله عنهم اجمعين .

وأما زينب رضي الله عنها فلم يمكنها زوجها أبو العاص بن الربيع من الخروج ،

وخرج عبد الله بن أبي بكر بعيال أبي بكر ، وفيهم عائشة رضي الله عنهم

اجمعين .




~*¤®§ ][^*^] المؤاخاة بين الأنصار والمهاجرين [^*^][ §®¤*~


آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار ، وكانوا تسعين رجلا

نصفهم من المهاجرين ، ونصفهم من الأنصار ، آخى بينهم على المواساة ، وعلى

أن يتوارثوا بعد الموت ، دون ذوي الأرحام ، فلما أنزل الله :

(( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ))

رد التوارث إلى الأرحام دون عقد الأخوة ، ومعنى هذا الإخاء أن تذوب عصبيات

الجاهلية ، وتسقط فوارق النسب واللون والوطن ، فلا يكون أساس الولاء والبراء

إلا الإسلام‏ ، وقد امتزجت عواطف الإيثار والمواساة والمؤانسة وإسداء الخيرفي

هذه الأخوة ، وملأت المجتمع الجديد بأروع الأمثال‏.‏




~*¤®§ ][^*^] تحويل القبلة [^*^][ §®¤*~


كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة استقبل بيت المقدس ستة

عشر شهرا ، قبلة اليهود ، وكان يحب أن يصرفه الله إلى الكعبة ، وقال لجبريل

عليه السلام ذلك ، فقال : " إنما أنا عبد ، فادع ربك واسأله "

فجعل يقلب وجهه في السماء ، يرجو ذلك، حتى أنزل الله عليه :

(( قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر

المسجد الحرام ))

هاوي بر
2006-11-28, 01:41 PM
~*¤®§ ][^*^] قائد عسكري فذ [^*^][ §®¤*~



~*¤®§ ][^*^] أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا [^*^][ §®¤*~


لما استقر رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة ، وأيده الله بنصره

وبالمؤمنين ، وألف بين قلوبهم بعد العداوة ، ومنعته أنصار الله من الأحمر والأسود ،

رمتهم العرب واليهود عن قوس واحدة، وشمروا لهم عن ساق العداوة والمحاربة ،

والله يأمر رسوله والمؤمنين بالكف والعفو والصفح ، حتى قويت الشوكة ، فحينئذ أذن

لهم في القتال ، ولم يفرضه عليهم ، فقال تعالى :

(( أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير ))

وهي أول آية نزلت في القتال ، ثم فرض عليهم قتال من قاتلهم ، فقال تعالى :

(( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ))

ثم فرض عليهم قتال المشركين كافة ، فقال تعالى :

(( وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة ))




~*¤®§ ][^*^] خصائص رسول الله العسكرية [^*^][ §®¤*~


كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع أصحابه في الحرب على أن لا يفروا ،

وربما بايعهم على الموت ، وربما بايعهم على الجهاد ، وربما بايعهم على الإسلام ،

وبايعهم على الهجرة قبل الفتح ، وبايعهم على التوحيد والتزام طاعة الله ورسوله .

وبايع نفرا من أصحابه على أن لا يسألوا الناس شيئا ، فكان السوط يسقط من

أحدهم ، فينزل عن دابته فيأخذه ، ولا يسأل أحدا أن يناوله إياه .

وكان يبعث البعوث يأتونه بخبر عدوه ، ويطلع الطلائع ، ويبث الحرس والعيون ،

حتى لا يخفى عليه من أمر عدوه شئ .

وكان إذا لقي عدوه دعا الله واستنصر به ، وأكثر هو وأصحابه من ذكر الله ،

والتضرع له .

وكان كثير المشاورة لأصحابه في الجهاد .

وكان يتخلف في ساقتهم ، فيزجي الضيف ، ويردف المنقطع .

وكان إذا أراد غزوة ورى بغيرها .

وكان يرتب الجيش والمقاتلة ، ويجعل في جنبة كفؤا لها .

وكان يبارز بين يديه بأمره ، وكان يلبس للحرب عدته ، وربما ظاهر بين درعين

كما فعل يوم بدر .

وكان له ألوية ، وكان إذا ظهر على قوم أقام بعرصتهم ثلاثاً ثم قفل .

وكان إذا أراد أن يغير ينتظر ، فإذا سمع مؤذنا لم يغر ، وإلا أغار .

وكان يحب الخروج يوم الخميس بكرة .

وكان إذا اشتد البأس اتقوا به ، وكان أقربهم إلى العدو .

وكان يحب الخيلاء في الحرب ، وينهى عن قتل النساء والولدان ، وينهى عن

السفر بالقرآن إلى أرض العدو .




~*¤®§ ][^*^] أول لواء [^*^][ §®¤*~


أول لواء عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم لواء حمزة بن عبد المطلب رضي

الله عنه في شهر رمضان في السنة الأولى ، بعثه في ثلاثين رجلا من المهاجرين

خاصة ، يعترض عيرا لقريش ، جاءت من الشام ، فيها أبو جهل في ثلاثمائة رجل ،

حتى بلغوا سيف البحر من ناحية العيص ، فالتقوا واصطفوا للقتال فحجز بينهم مجدي

بن عمرو الجهني ، وكان موادعا للفريقين ، فلم يقتتلوا .




~*¤®§ ][^*^] يوم الفرقان وقعة بدر الكبرى [^*^][ §®¤*~


في رمضان بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر العير المقبلة من الشام مع

أبي سفيان ، فيها أموال قريش ، فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس للخروج

إليها ،فهذه فرصة ذهبية للمسلمين ليصيبوا أهل مكة بضربة اقتصادية قاصمة، تتألم

لها قلوبهم على مر العصور، لذلك أعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا ‏:‏

‏‏" هذه عير قريش فيها أموالهم، فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها‏ "

فخرج مسرعا في ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا ، ولم يكن معهم من الخيل إلا فرسان ،

وكان معهم سبعون بعيرا، يعتقب الرجلان والثلاثة على البعير الواحد، واستخلف على

المدينة عبد الله ابن أم مكتوم .

ودفع اللواء إلى مصعب بن عمير ، والراية إلى علي ، وراية الأنصار إلى سعد بن

معاذ رضي الله عنهم ، وبلغ أبا سفيان مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ،

فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري ، وبعثه حثيثا إلى مكة ، مستصرخا قريشا بالنفير

إلى عيرهم ، فنهضوا مسرعين ، وحشدوا فيمن حولهم من قبائل العرب ، وخرجوا من

ديارهم ، كما قال تعالى :

(( بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله ))

فجمعهم الله على غير ميعاد ، كما قال تعالى : (( ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ))

ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خروج قريش ، استشار أصحابه ، فتكلم

المهاجرون ، فأحسنوا ، ثم استشارهم ثانيا ، فتكلم المهاجرون فأحسنوا ، ثم ثالثا ،

ففهمت الأنصار أن رسول الله إنما يعنيهم ، فقال سعد بن معاذ رضي الله عنه :

كأنك تعرض بنا يا رسول الله وكان إنما يعنيهم ، وكأنك تخشى أن تكون الأنصار

ترى عليهم أن لا ينصروك إلا في ديارهم ، وإني أقول عن الأنصار ، وأجيب عنهم ،

فأمض بنا حيث شئت ، وصل حبل من شئت، واقطع حبل من شئت ، وخذ من أموالنا

ما شئت ، وأعطنا منها ما شئت ، وما أخذت منها كان أحب إلينا مما تركت ، فوالله

لئن سرت بنا حتى تبلغ البرك من غمدان لنسيرن معك ، ووالله لئن استعرضت بنا هذا

البحر لخضناه معك وقال المقداد بن الأسود رضي الله عنه :

إذن لا نقول كما قال قوم موسى لموسى (( فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا

قاعدون )) ولكن نقاتل من بين يديك ، ومن خلفك ، وعن يمينك ، وعن شمالك .

فأشرق وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بما سمع منهم وقال :

" سيروا وأبشروا ، فإن الله وعدني إحدى الطائفتين ، وإني قد رأيت مصارع القوم "

وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر ، وخفض أبو سفيان ، فلحق بساحل

البحر ، وكتب إلى قريش أن ارجعوا فإنكم إنما خرجتم لتحرزوا عيركم ، فأتاهم الخبر ،

فهموا بالرجوع ، فقال أبو جهل : والله لا نرجع حتى نقدم بدرا ، فنقيم بها ، نطعم من

حضرنا ونسقي الخمر ، وتعزف علينا القيان ، وتسمع بنا العرب ، فلا تزال تهابنا أبدا

وتخافنا .

وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل على ماء أدنى مياه بدر ، فقال الحباب

بن المنذر رضي الله عنه : إن رأيت أن نسير إلى قلب قد عرفناها كثيرة الماء عذبة ،

فننزل عليها ونغور ما سواها من المياه ؟

وأنزل الله تلك الليلة مطرا ، صلب الرمل ، وثبت الأقدام ، وربط على قلوبهم ، ومشى

رسول الله صلى الله عليه وسلم في موضع المعركة وجعل يشير بيده ، ويقول :

" هذا مصرع فلان ، هذا مصرع فلان ، هذا مصرع فلان إن شاء الله "

فما تعدى أحد منهم موضع إشارته صلى الله عليه وسلم .

فلما طلع المشركون ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

" اللهم هذه قريش جاءت بخيلائها وفخرها ، جاءت تحادك ، وتكذب رسولك ، اللهم

فنصرك الذي وعدتني ، اللهم أحنهم الغداة " وقام ورفع يديه ، واستنصر ربه ، وبالغ

في التضرع ورفع يديه حتى سقط رداؤه ، وقال :

" اللهم أنجز لي ما وعدتني ، اللهم إني أنشدك عهدك ، اللهم إن تهلك هذه العصابة

لن تعبد في الأرض بعد "

فالتزمه أبو بكر الصديق رضي الله عنه من ورائه ، وقال :

حسبك مناشدتك ربك ، يا رسول الله فوالذي نفسي بيده لينجزن الله لك ما وعدك .

واستنصر المسلمون الله واستغاثوه ، فأوحى الله إلى الملائكة :

(( أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق

الأعناق واضربوا منهم كل بنان )) وأوحى الله إلى رسوله :

(( أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين ))

فلما أصبحوا أقبلت قريش في كتائبها ، وقلل الله المسلمين في أعينهم ، وقلل الله

سبحانه المشركين أيضا في أعين المسلمين ، ليقضي أمرا كان مفعولا .

وأمر أبو جهل عامر بن الحضرمي أخا عمرو بن الحضرمي أن يطلب دم أخيه ، فحمي

القوم ، ونشبت الحرب ، وعدل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفوف ، ثم انصرف

وغفا غفوة ، وأخذ المسلمين النعاس ، وأبو بكر الصديق رضي الله عنه مع رسول

الله صلى الله عليه وسلم يحرسه ، وعنده سعد بن معاذ رضي الله عنه ، وجماعة من

الأنصار على باب العريش، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يثب في الدرع ،

ويتلو هذه الآية : (( سيهزم الجمع ويولون الدبر))

وخرج عتبة وشيبة ابنا ربيعة ، والوليد بن عتبة يطلبون المبارزة ، فخرج إليهم ثلاثة

من الأنصار ، فقالوا : أكفاء كرام ، ما لنا ما بكم من حاجة ، إنما نريد من بني عمنا .

فبرز إليهم حمزة ، وعبيدة بن الحارث بن المطلب ، وعلي بن أبي طالب ، فقتل علي

قرنه الوليد ، وقتل حمزة قرنه شيبة ، واختلف عبيدة وعتبة ضربتين ، كلاهما أثبت

صاحبه ، فكر حمزة وعلي على قرن عبيدة فقتلاه ، واحتملا عبيدة ، وقد قطعت رجله .

ولما دنا العدو قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوعظ الناس ، وذكرهم بما لهم

في الصبر والثبات من النصر ، وأن الله قد أوجب الجنة لمن يستشهد في سبيله ،

فأخرج عمير بن الحمام بن الجموح تمرات من قرنه يأكلهن ، ثم قال :

لئن حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة ، فرمى بهن ، وقاتل حتى قتل ،

فكان أول شهيد .

وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ملء كفه ترابا ، فرمى به في وجوه القوم ،

فلم تترك رجلا

إلا ملأت عينيه ، فهو قوله تعالى : (( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ))

ولما بردت الحرب ، وانهزم العدو ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

" من ينظر لنا ما صنع أبو جهل "

فانطلق ابن مسعود ، فوجده قد ضربه معوذ وعوف ابنا عفراء حتى برد ، فأخذ بلحيته

و احتز رأسه ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : قتلته .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " آلله الذي لا إله إلا هو ؟ " ثلاثا ثم قال :

" الحمد لله الذي صدق وعده ، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده ، انطلق فأرنيه "

فانطلقنا ، فأريته إياه ، فلما وقف عليه ، قال : " هذا فرعون هذه الأمة "

وأسر عبد الرحمن بن عوف أمية بن خلف ، وابنه عليا ، فأبصره بلال وكان أمية

يعذبه بمكة فقال : رأس الكفر أمية ؟ لا نجوت إن نجا ، ثم استحمى جماعة من الأنصار ،

واشتد عبد الرحمن بهما ، يحجزهما منهم ، فأدركوهم ، فشغلهم عن أمية بابنه علي ،

ففرغوا منه ، ثم لحقوهما فضربوه بالسيوف حتى قتلوه .

ومنح الله المسلمين أكتاف المشركين ، فتناولوهم قتلا وأسرا ، فقتلوا سبعين ،

وأسروا سبعين ولما انقضت الحرب أقبل النبي صلى الله عليه وسلم حتى وقف على

القتلى ، فقال :

" بئس عشيرة النبي كنتم ، كذبتموني ، وصدقني الناس ، وخذلتموني ، ونصرني

الناس ، وأخرجتموني وآواني الناس "

ثم أمر بهم فسحبوا حتى ألقوا في القليب ( قليب بدر ) ثم وقف عليهم ، فقال :

" يا عتبة بن ربيعة ! ويا شيبة بن ربيعة ! ويا فلان ، ويا فلان : هل وجدتم ما وعدكم

ربكم حقاً ؟ فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا "

فقال عمر رضي الله عنه : يا رسول الله ما تخاطب من أقوام قد جيفوا ؟

فقال : " ما أنت بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا "

ثم ارتحل مؤيدا منصورا ، قرير العين ، معه الأسرى والمغانم ، فلما كان بالصفراء

قسم الغنائم ، وضرب عنق النضر بن الحارث ، ثم لما نزل بعرق الظبية ، ضرب عنق

عقبة بن أبي معيط ، ثم دخل المدينة مؤيدا منصورا ، قد خافه كل عدو له بالمدينة ،

فأسلم بشر كثير من أهل المدينة ، ودخل عبد الله بن أبي رأس المنافقين وأصحابه

في الإسلام .

هاوي بر
2006-11-28, 01:41 PM
~*¤®§ ][^*^] جهاد ومعارك فاصلة [^*^][ §®¤*~



~*¤®§ ][^*^] غزوة بني قينقاع في السنة الثالثة من الهجرة [^*^][ §®¤*~


كان بني قينقاع من يهود المدينة ، فنقضوا العهد ، فحاصرهم رسول الله صلى

الله عليه وسلم خمس عشرة ليلة ، فنزلوا على حكمه ، فشفع فيهم عبد الله بن أبي

بن سلول ، وألح على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم ، فأطلقهم له، وكانوا

سبعمائة رجل ، وهم رهط عبد الله بن سلام .




~*¤®§ ][^*^] غزوة أحد [^*^][ §®¤*~


كانت وقعة أحد في شوال وذلك أن الله تبارك وتعالى لما أوقع بقريش يوم بدر ،

ترأس فيهم أبو سفيان ، وأخذ يؤلب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى

المسلمين ، ويجمع الجموع ، فجمع قريبا من ثلاثة آلاف من قريش ، والحلفاء ،

وجاؤوا بنسائهم لئلا يفروا ، ثم أقبل بهم نحو المدينة ، فنزل قريبا من جبل أحد .

فاستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه في الخروج إليهم ، وكان رأيه

أن لا يخرجوا ، فإن دخلوها قاتلهم المسلمون على أفواه السكك ، والنساء من

فوق البيوت ، ووافقه عبد الله بن أبي رأس المنافقين على هذا الرأي ، فبادر جماعة

من فضلاء الصحابة ممن فاته بدر وأشاروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم

بالخروج ، وألحوا عليه .

فخرج في ألف من أصحابه ، واستعمل على المدينة عبد الله بن أم مكتوم وكان

رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رؤيا :

( رأى أن في سيفه ثلمة ، وأن بقرا تذبح ، وأنه يدخل يده في درع حصينة )

فتأول الثلمة برجل يصاب من أهل بيته ، والبقر بنفر من أصحابه يقتلون ، والدرع

بالمدينة ، فخرج وقال لأصحابه :

" عليكم بتقوى الله ، والصبر عند البأس إذا لقيتم العدو ، وانظروا ماذا أمركم الله

به فافعلوا "

فلما كان بالشوط بين المدينة وأحد انخزل عبد الله بن أبي بنحو ثلث العسكر ،

وقال : عصاني ، وسمع من غيري ما ندري علام نقتل أنفسنا ها هنا ، أيها الناس ..

فرجع وتبعهم عبد الله بن عمرو والد جابر يحرضهم على الرجوع ، ويقول :

قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا ، قالوا : لو نعلم أنكم تقاتلون لم نرجع ، فرجع

عنهم وسبهم .

وسأل نفر من الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستعينوا بحلفائهم من

يهود ، فأبى ، ونفذ حتى نزل الشعب من أحد ، في عدوة الوادي ، وجعل ظهره

إلى أحد ، ونهى الناس عن القتال حتى يأمرهم ، فلما أصبح تعبأ للقتال ، وهو في

سبعمائة ، منهم خمسون فارسا ، واستعمل على الرماة وكانوا خمسين عبد الله بن

جبير ، وأمرهم أن لا يفارقوا مركزهم ، ولو رأوا الطير تختطف العسكر ، وأمرهم

أن ينضحوا المشركين بالنبل ، لئلا يأتوا المسلمين من ورائهم ، وظاهر رسول الله

صلى الله عليه وسلم بين درعين ، وأعطى اللواء مصعب بن عمير ،واستعرض الشباب

يومئذ ، فرد من استصغر عن القتال وأجاز من رآه مطيقا .

وتعبأت قريش ، وهم ثلاثة آلاف ، وفيهم مائتا فارس ، فجعلوا ميمنتهم خالد بن الوليد ،

وعلى الميسرة عكرمة بن أبي جهل .

ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه إلى أبي دجانة ، وأبلى يومئذ أبو دجانة،

وطلحة، وحمزة، وعلي ، والنضر بن أنس ، وسعد بن الربيع رضي الله عنهم بلاء

حسنا ، وكانت الدولة أول النهار للمسلمين ، فانهزم أعداء الله ، وولوا مدبرين ، فلما

رأى ذلك الرماة ، قالوا :

الغنيمة ، الغنيمة .. فذكرهم أميرهم عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يسمعوا ،

فأخلوا الثغر ، وكر فرسان المشركين عليه ، فوجدوه خاليا ، فجاؤوا منه وأقبل آخرهم

حتى أحاطوا بالمسلمين فأكرم الله من أكرم منهم بالشهادة وهم سبعون وولى الصحابة ،

وخلص المشركون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجرحوه جراحات ، وكسروا

رباعيته ، وقتل مصعب بن عمير بين يديه .

وصرخ الشيطان : إن محمدا قد قتل ، فوقع ذلك في قلوب كثير من المسلمين .

فمر أنس بن النضر رضي الله عنه بقوم من المسلمين قد ألقوا بأيديهم ، فقالوا :

قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم .

فقال : ما تصنعون بالحياة بعده .. قوموا فموتوا على ما مات عليه ، ثم استقبل الناس ،

ولقي سعد بن معاذ رضي الله عنه ، فقال : يا سعد إني لأجد ريح الجنة من دون أحد ،

فقاتل حتى قتل ، ووجد به سبعون جراحة ، وقتل وحشي حمزة بن عبد المطلب رضي

الله عنه ، رماه بحربة على طريقة الحبشة .

وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو المسلمين ، فكان أول من عرفه تحت المغفر

كعب بن مالك ، فصاح بأعلى صوته : يا معشر المسلمين هذا رسول الله ، فأشار إليه

أن اسكت ، فاجتمع إليه المسلمون ، ونهضوا معه إلى الشعب الذي نزل فيه .

وحانت الصلاة ، فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا ، وشد حنظلة بن أبي

عامر رضي الله عنه على أبي سفيان ، فلما تمكن منه حمل عليه شداد بن الأسود فقتله ،

وكان حنظلة جنبا ، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الملائكة تغسله .

ولما انقضت الحرب أشرف أبو سفيان على الجبل ، ونادى : أفيكم محمد ؟

فلم يجيبوه

فقال : أفيكم ابن أبي قحافة ؟

فلم يجيبوه .

فقال : أفيكم ابن الخطاب ؟

فلم يجيبوه

فقال : أما هؤلاء فقد كفيتموهم .

فلم يملك عمر رضي الله عنه نفسه أن قال : يا عدو الله إن الذين ذكرتهم أحياء ، وقد

أبقى الله لك منهم ما يسوءك .

ثم قال : اعل هبل .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا تجيبوه ؟

قالوا : ما نقول ؟

قال : قولوا : الله أعلى وأجل

ثم قال : لنا العزى ، ولا عزى لكم ، قال : ألا تجيبوه ؟

قالوا : ما نقول ؟

قال : قولوا : الله مولانا ، ولا مولى لكم .

ثم قال : يوم بيوم بدر ، والحرب سجال .

فقال عمر رضي الله عنه : لا سواء ، قتلانا في الجنة ، وقتلاكم في النار .

وأنزل الله عليهم النعاس في بدر وفي أحد ، والنعاس في الحرب من الله ، وفي الصلاة

ومجالس الذكر من الشيطان .

وقاتلت الملائكة يوم أحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ففي الصحيحين عن

سعد قال : رأيت رسول الله يوم أحد ، ومعه رجلان يقاتلان عنه ، عليهما ثياب بيض ،

كأشد القتال ، وما رأيتهما قبل ولا بعد .

ومر رجل من المهاجرين برجل من الأنصار وهو يتشحط في دمه فقال : يا فلان أشعرت

أن محمدا قتل ؟

فقال الأنصاري : إن كان قد قتل فقد بلغ ، فقاتلوا عن دينكم ، فنزل :

(( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ))

وكان يوم أحد يوم بلاء وتمحيص ، اختبر الله عز وجل به المؤمنين ، وأظهر به المنافقين ،

وأكرم فيه من أراد كرامته بالشهادة ، فكان مما نزل من القرآن في يوم أحد إحدى

وستون آية من آل عمران ، أولها :

(( وإذ غدوت من أهلك تبوء المؤمنين مقاعد للقتال ))

هاوي بر
2006-11-28, 01:42 PM
~*¤®§ ][^*^] غزوة بني المصطلق [^*^][ §®¤*~


كانت غزوة المريسيع على بني المصطلق ، فأغار رسول الله صلى الله عليه وسلم ،

وهم غارون ، فسبى رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء ، والنعم ، والشاء ، وكان

من جملة السبي جويرية بنت الحارث ، سيد القوم ، وقعت في سهم ثابت بن قيس ،

فكاتبها، فأدى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجها، فأعتق المسلمون بسبب

هذا التزوج مائة أهل بيت من بني المصطلق ، وقالوا : أصهار رسول الله صلى الله

عليه وسلم .




~*¤®§ ][^*^] حادثة الإفك [^*^][ §®¤*~


وفي هذه الغزوة : كانت قصة الإفك ، وذلك أن عائشة رضي الله عنها خرج بها رسول

الله صلى الله عليه وسلم معه بقرعة وتلك كانت عادته مع نسائه فلما رجعوا نزل في

طريقهم بعض المنازل ، فخرجت عائشة لحاجتها ، ثم رجعت ، ففقدت عقدا عليها ،

فرجعت تلتمسه ، فجاء الذين يرحلون هودجها ، فحملوه ، وهم يظنونها فيه ، لأنها

صغيرة السن ، فرجعت وقد أصابت العقد إلى مكانهم ، فإذا ليس به داع ولا مجيب ،

فقعدت في المنزل ، وظنت أنهم يفقدونها ، ويرجعون إليها ، فغلبتها عيناها ، فلم

تستيقظ إلا بقول صفوان بن المعطل :

إنا لله وإنا إليه راجعون ، زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

وكان صفوان قد عرس في أخريات الجيش ، لأنه كان كثير النوم ، فلما رآها عرفها

وكان يراها قبل الحجاب فاسترجع ، وأناخ راحلته ، فركبت ، وما كلمها كلمة واحدة

ولم تسمع منه إلا استرجاعه ، ثم سار يقود بها ، حتى قدم بها .

وقد نزل الجيش في نحر الظهيرة ، فلما رأى ذلك الناس تكلم كل منهم بشاكلته ، ووجد

رأس المنافقين ، عدو الله عبد الله بن أبي متنفسا، فتنفس من كرب النفاق والحسد ،

فجعل يستحكي الإفك ، ويجمعه ويفرقه ، وكان أصحابه يتقربون إليه به .

فلما قدموا المدينة أفاض أهل الإفك في الحديث ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم

ساكت لا يتكلم ، ثم استشار في فراقها ، فأشار عليه علي بفراقها ، وأشار عليه أسامة

بإمساكها ، واقتضى تمام الابتلاء أن حبس الله عن رسوله الوحي شهرا في شأنها ،

ليزداد المؤمنون إيمانا، وثباتا على العدل والصدق ، ويزداد المنافقون إفكا ونفاقا ،

ولتتم العبودية المرادة من الصديقة وأبويها رضي الله عنهم ، وتتم نعمة الله عليهم ولينقطع

رجاؤها من المخلوق ، وتيأس من حصول النصر والفرج إلا من الله .

فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعندها أبواها ، فحمد الله وأثنى عليه

ثم قال : " يا عائشة ، إن كنت بريئة فسيبرئك الله ، وإن كنت قد ألممت بذنب فاستغفري ،

فإن العبد إذا اعترف بذنبه ، ثم تاب ، تاب الله عليه " .

قالت لأبيها : أجب عني رسول الله

قال : والله ما أدري ما أقول لرسول الله .

فقالت لأمها مثل ذلك ، وقالت أمها مثل ذلك .

قالت : إن قلت إني بريئة والله يعلم أني بريئة لا تصدقوني ، ولا أجد لي ولكم مثلاً إلا أبا

يوسف حيث قال : (( فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ))

فنزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالت عائشة رضي الله عنها :

فأما أنا فعلمت أن الله لا يقول إلا الحق ، وأما أبواي فوالذي ذهب بأنفاسهما ، ما

أقلع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا خفت أن أرواحهما ستخرجان ، فكان أول

كلمة قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أما الله يا عائشة فقد برأك "

فقال أبوي : قومي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

قلت : والله لا أقوم إليه ، ولا أحمد إلا الله .

فأنزل الله تعالى في هذه القصة أول سورة النور من قوله :

(( إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم )) الى آخر آيات الافك .

هاوي بر
2006-11-28, 01:42 PM
~*¤®§ ][^*^] غزوة الأحزاب في السنة الخامسة [^*^][ §®¤*~


وسببها أن اليهود لما رأوا انتصار المشركين يوم أحد ، خرج أشرافهم كسلام بن

أبي الحقيق وغيره إلى قريش بمكة ، يحرضوهم على غزوة رسول الله صلى الله عليه

وسلم ، ووعدهم من أنفسهم النصر لهم ، فأجابتهم قريش .

ثم خرجوا إلى غطفان، فاستجابوا لهم ، ثم طافوا في قبائل العرب يدعونهم إلى ذلك ،

فاستجاب لهم من استجاب ، فخرجت قريش وقائدهم أبو سفيان ، وكان من وافى الخندق

من المشركين عشرة آلاف .

فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمسيرهم إليه استشار أصحابه ، فأشارعليه

سلمان لفارسي بحفر خندق يحول بين العدو وبين المدينة ، فأمر به رسول الله صلى الله

عليه وسلم ، فبادر إليه المسلمون ، وعمل فيه بنفسه ، وكان في حفره من آيات نبوته

ما قد تواتر الخبر به .

وخرج صلى الله عليه وسلم وهم يحفرون في غداة باردة ، فلما رأى ما بهم من الشدة

والجوع ، قال :

اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة *** فاغفر للأنصار والمهاجرة

فقالوا مجيبين له :

نحن الذين بايعوا محمداً *** على الجهاد ما بقينا أبداً

وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة آلاف من المسلمين ، فتحصن بالجبل من

خلفه وبالخندق أمامه ، وأمر بالنساء والذراري ، فجعلوا في آطام المدينة واستخلف

عليها ابن أم مكتوم ، وانطلق حيي بن أخطب إلى بني قريظة ، فدنا من حصنهم ، فأبى

كعب بن أسد أن يفتح له ، فلم يزل يكتمه حتى فتح له ، فلما دخل الحصن ، لم يزل به حتى

نقض العهد الذي بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل مع المشركين .

وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر ، فبعث إليهم السعدين سعد بن معاذ ، وسعد

بن عبادة ، ليتعرفوا الخبر ، فلما دنوا منهم وجدوهم على أخبث ما يكون ، وجاهروهم

بالسب ونالوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانصرفوا ولحنوا لرسول الله صلى الله

عليه وسلم لحنا ، فعظم ذلك على المسلمين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

" الله أكبر ، أبشروا ، يا معشر المسلمين "

واشتد البلاء ، ونجم النفاق ، واستأذن بعض بني حارثة رسول الله صلى الله عليه وسلم

في الذهاب إلى المدينة ، وقالوا :

(( إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا ))

وأقام المشركون محاصرين رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا ، ولم يكن بينهم قتال ،

لأجل الخندق ، إلا أن فوارس من قريش منهم عمرو بن عبد ود أقبلوا نحو الخندق ،

فلما وقفوا عليه قالوا : إن هذه مكيدة ما كانت العرب تعرفها ، ثم تيمموا مكاناً ضيقا منه ،

وجالت بهم خيلهم في السبخة ، ودعوا إلى البراز ، فانتدب لعمرو علي بن أبي طالب ،

فبارزه فقتله الله على يدي علي رضي الله عنه ، وكان من أبطال المشركين ، وانهزم

أصحابه ثم إن الله عز وجل وله الحمد صنع أمرا من عنده خذل به العدو، فمن ذلك ، أن

رجلا من غطفان يقال له نعيم بن مسعود جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال :

قد أسلمت ، فمرني بما شئت ، فقال :

" إنما أنت رجل واحد، فخذل عنا ما استطعت، فإن الحرب خدعة "

فذهب إلى بني قريظة وكان عشيراً له- فدخل عليهم ، ولا هم يعلمون بإسلامه ، فقال :

إنكم قد حاربتم محمدا ، وإن قريشا إن أصابوا فرصة انتهزوها ، وإلا انشمروا إلى بلادهم

راجعين ، وتركوكم ومحمدا ، فانتقم منكم ، قالوا : فما العمل ؟

قال : لا تقاتلوا معهم حتى يعطوكم رهائن ، فقالوا : قد أشرت بالرأي

ثم مضى إلى قريش فقال : هل تعلمون ودي لكم ونصحي ؟

قالوا : نعم ، قال : إن اليهود قد ندموا على ما كان منهم ، وإنهم قد أرسلوا إلى محمد

أنهم يأخذون منكم رهائن يدفعونها إليه ، ثم يمالئونه عليكم ، فإن سألوكم فلا تعطوهم ،

ثم ذهب إلى غطفان ، فقال لهم مثل ذلك .

فلما كانت ليلة السبت من شوال بعثوا إلى يهود : إنا لسنا معكم بأرض مقام ، وقد هلك

الكراع والخف ، فأغدوا بنا إلى محمد حتى نناجزه ، فأرسلوا إليهم :

إن اليوم يوم السبت ، وقد علمتم ما أصاب من قبلنا حين أحدثوا فيه ، ومع هذا فلا نقاتل

معكم حتى تبعثوا لنا رهائن .

فلما جاءتهم رسلهم قالوا : قد صدقكم والله نعيم ، فبعثوا إليهم ، إنا والله لا نبعث

إليكم أحدا .

فقالت قريظة : قد صدقكم والله نعيم ، فتخاذل الفريقان .

وأرسل الله على المشركين جندا من الريح ، فجعلت تقوض خيامهم ، ولا تدع لهم قدرا إلا

كفأتها ، ولا طنبا إلا قلعته ، وجندا من الملائكة يزلزلون بهم ، ويلقون في قلوبهم الرعب ،

كما قال الله : (( يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم

ريحا وجنودا لم تروها ))

وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم حذيفة بن اليمان رضي الله عنه يأتيه

بخبرهم ،فوجدهم على هذه الحال ، وقد تهيئوا للرحيل ، فرجع إليه ، فأخبره برحيلهم .

فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف عن الخندق ، راجعا والمسلمون إلى

المدينة ، فوضعوا السلاح ، فجاءه جبريل ، وقت الظهر ، فقال :

" أقد وضعتم السلاح إن الملائكة لم تضع بعد أسلحتها ، انهض إلى هؤلاء يعني بني قريظة "

فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم :

" من كان سامعاً مطيعاً فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة "

فخرج المسلمون سراعا ، حتى إذا دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من حصونهم قال :

" يا إخوان القردة ، هل أخزاكم الله وأنزل بكم نقمته "

وحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين ليلة ، حتى جهدهم الحصار ،

وقذف الله في قلوبهم الرعب ، ثم نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ،

فحكم فيهم سعد بن معاذ رضي الله عنه فحكم :

أن تقتل الرجال ، وتقسم الأموال ، وتسبى النساء والذراري .

وأنزل الله في غزوة الخندق صدر سورة الأحزاب .

هاوي بر
2006-11-28, 01:43 PM
اتنى ان يتال اعجابكم الموضوع

تحياتي :هاوي بر

aboanas
2006-11-28, 06:19 PM
جزاك الله خيرا واثابك على هذة المشاركه الرائعه

aboanas
2006-11-28, 06:27 PM
--------------------------------------------------------------------------------

رجاءً وليس أمراً

إرسالها لمن تعرف ومن لا تعرف

عسى الله أن ينفع بها

{لأن يهدي بك الله رجلاً واحد خير لك من حمر النعم}


فهذا حبيبنا رسول الله محمد بن عبدالله- صلى الله عليه واله وصحبه وسلم-

تم تدشين موقع لسيرة الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- بعشر لغات.. سيتم اضافة المزيد من اللغات قريبا بإذن الله
http://www.islamway.com/mohammad/



وهذا موقع كتاب يسرد سيره الرسول ويوضح الاسلام


للغه الأنجليزيه English
http://www.islam-guide.com

للغه الفرنسيه French
http://www.islam-guide.com/fr

للغه الأيطاليه Italy
http://www.islam-guide.com/it

للغه الأسبانيه Spanish
http://www.islam-guide.com/es

للغه الصينيه China
http://www.islam-guide.com/cs/

للغه اليابانيه Japan
http://www.islam-guide.com/jp/

للغه الالمانيه Germany
http://www.islam-guide.com/de/

موقع الكتاب على الانترنت هو :
http://www.islam-guide.com

http://www.i-g.org

وهذا الكتاب على هيئة بي دي اف بشكل الكتاب الاصلي :
http://www.islam-guide.com/islam-guide.pdf

شارك في الأجر .. بإذن الله .. وأنشر هذه الرساله قدر
استطاعتك
اللهم لك الحمد والشكر كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم
سلطانك
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك





--------------------------------------------------------------------------------












--------------------------------------------------------------------------------
Express yourself instantly with MSN Messenger! MSN Messenger Download today it's FREE!






--------------------------------------------------------------------------------
FREE pop-up blocking with the new MSN Toolbar MSN Toolbar Get it now!


أســم الملـــف: image001.jpg
نـــوع: image/jpeg
الحجـــم: 119.2 KB



[تحميل] [عرض]


أســم الملـــف: image002.jpg
نـــوع: image/jpeg
الحجـــم: 38 KB



[تحميل] [عرض]

aboanas
2006-11-28, 06:31 PM
ارجو التثبيت للموضوع مع الشكر لكي يستفيد منهاالمشاركين في المنتدى وغيرهم

هاوي بر
2006-11-28, 06:52 PM
مشكور والله يعطيك الف عافيه على الزيادة

مثل ما قلت لكي يستفيد منه الاخوان


ارجو من اخونا الصلبوخي ابومحمد تثبيت الموضوع لوتكرمت؟؟

الله يشفيه ويعافيه ان شاء الله...

ابو عبدالمجيد
2006-11-28, 08:52 PM
بارك الله فيك وجعل ذلك في ميزان حسناتك يوم القيامة واوردنا الله جميعا حوض نبيه صلى الله عليه وسلم واشارك الاخوة في اهمية تثبيت الموضوع اخي "ابومحمد" قريب من كل خير شفاه الله وعافاه اللهم آمين

هاوي بر
2006-11-28, 09:59 PM
اللهم آآآآآآآآآآآآآآمين الله يشفيه

مشكووووووووووووور على مرورك ابوعبد المجيد

الصلبوخي
2006-11-29, 07:58 AM
اللهم صلي وسلم على نبينا محمد

اخي الكريم هاوي بر جزاك الله كل خير ولا حرمك رلابي الأجر

وأجزل لك المثوبة

كل الشكروالتقدير

دمت في حفظ اله ورعايته

هاوي بر
2006-11-29, 12:26 PM
مشكوووووووووووووووور على مرورك ابو محمد

الله يجيب الخير
2006-12-07, 12:45 AM
اللهم صلي وسلم على نبينا محمد


بارك الله فيك على الموضوع عن رسولنا الحبيب

في حفظ الله

aboanas
2006-12-07, 12:35 PM
جزاك الله خيرا يااخي واعظم لك المثوبة والاجر

هاوي بر
2006-12-08, 08:45 AM
مشكوووووووووووووووووور على مرورك الله يجيب الخير

هاوي بر
2006-12-08, 08:48 AM
مشكوووووووووووووووووووووور على مرورك ابو انس

aboanas
2006-12-15, 02:25 PM
اشكركم ايها الاخوان على المرور وقراءة الموضوع ---تحياتي لكم ------

هاوي بر
2006-12-15, 11:22 PM
مشكووووور على الرد الجميل ابو انس

بارك الله فيك........

ولد مبايض
2006-12-29, 10:21 AM
اللهم صلى على رسول الله

شكرا لكم

هاوي بر
2007-02-18, 02:04 PM
مشكور على مرورك ولد مبايض.................