نايف العز
2008-08-17, 11:35 PM
تقع قرية الفاو الأثرية في محافظة وادي الدواسر أي في الطرف الجنوبي الشرقي من منطقة الرياض 0 حيث قامت مملكة كنده الأولى وكانت عاصمتها قرية (الفاو) والتي تبعد عن الرياض بنحو سبعمائة كيل وقد ذكرتها النقوش باسم قرية ، وقرية ذات كهل ، وعرفت بالفاو لأنها تقع في فوهة مجرى قناة في المنطقة التي يتداخل فيها وادي الدواسر مع جبال طويق وكانت قرية الفاو تقع على الطريق التجاري الرئيس الذي يربط جنوب الجزيرة العربية بشمالها الشرقي ، ولذلك كانت لها صلات وثيقة مع ممالك جنوب الجزيرة العربية : سبأ، وقتبان ، وحضرموت ، ومعين وحمير 0 وتدل المكتشفات الأثرية التي عثر عليها في قرية الفاو على أنها استمرت عاصمة لمملكة كندة الأولى منذ القرن الرابع قبل الميلاد حتى أوائل القرن الرابع الميلادي ، وذكرت النقوش العربية الجنوبية كندة وملوكها ، وقد عثر في قرية الفاو على مقبرة أحد ملوك كندة وهو الملك معاوية بن ربيعة الذي يعتقد أنه عاش في القرن الثاني الميلادي وقد تعرضت مملكة كندة لكثير من الحملات التي قادها ملوك جنوب الجزيرة العربية للسيطرة عليها ومنها الحملة التي قادها الملك الحميري " إلشرح يحضب" 0
ويرجح المؤرخون أن قبيلة كندة بعد أن سقطت مملكتها في قرية الفاو توجهت شمالاً ، لأننا نجد ذكرها في النقوش التي سجلت حملات ملوك حمير على أواسط الجزيرة العربية ، فقد شاركت كندة في حملة ملك حمير "أب كرب أسعد" الذي عرف لدى المصادر العربية باسم " أسعد كامل" وابنه " حسان يهأ" وقد جاءت تلك الحملة إلى أواسط الجزيرة العربية في الربع الأول من القرن الخامس الميلادي ، كما شاركت كندة في حملة الملك الحميري " معدي كرب يعفر" على أواسط الجزيرة العربية سنة 516م.
وبعد سقوط مملكتهم في قرية نزح الكنديون من مواطنهم واتجهوا إلى الشمال في أواسط القرن الرابع الميلادي حيث انتشروا في أماكن ومنها غمر كندة أو غمر ذي كندة ومناطق حفر الباطن شرقاً ودومة الجندل غرباً بما في ذلك منطقة سدير والقصيم ، ولعل ملوك حمير قد أسهموا في تأسيس مملكة كندة الثانية للسيطرة على الطرق التجارية المارة بأواسط الجزيرة العربية ليأمنوا من القبائل العربية المقيمة هناك، إلى جانب الحد من نفوذ مملكتي المناذرة والغساسنة اللتين ترعيان المصالح الساسانية البيزنطية في وسط الجزيرة العربية وشمالها ، فكانت مملكة كندة الثانية حائلاً دون تغلغل النفوذ الساساني والبيزنطي داخل الجزيرة العربية ، ويعتقد بعض المؤرخين أن مملكة كندة الثانية لم تكن مملكة بالمعنى المعروف لممالك الجزيرة العربية بل كانت تحالفاً قبلياً تشغل فيه قبيلة كندة مركز الصدارة ، إلا أن بعض المخربشات العربية الجنوبية قد وصفت حجر بن عمرو الذي يعد أول ملوك كندة الثانية بأنه ملك كندة ( ح ج ر/ ب ن / ع م ر م /م ل ك / ك د ت ) 0
كان حجر بن عمرو ( آكل المرار) أول ملوك كندة الثانية ، ويعتقد أنه تولى الحكم في نحو سنة 480م ، واستمر حتى وفاته في العقد الأخير من القرن الخامس الميلادي
بداية الاهتمام بالفاو:
بدأ الاهتمام بقرية بوصفها موقعاً أثرياَ في الأربعينيات حينما أشار إليها بعض موظفي شركة أرامكو، ثم في سنة 1372هـ/1952م قام بزيارتها كل من: جون فيلبي ، وجاك ريكمانز ، وكونزاك ريكمانز ، وفيليب ليبنز ، وفي سنة 1389هـ/1969م زارها ألبرت جام موفداً من قبل وكالة الآثار والمتاحف حيث قام بدراسة مجموعة كتاباتها المنتشرة على سفح جبل طويق المطل على قرية من ناحية الشرق 0
وفي سنة 1387هـ/1976م بدأ اهتمام جامعة الملك سعود ممثلة في جمعية التاريخ والآثار بقسم التاريخ ، التي قامت برحلات استطلاعية بدأت سنة 1391هـ/1971م لدراسة الموقع علمياً وتحديداً المنطقة الأثرية ، ثم بدأت أعمال التنقيب في موقع قرية منذ عام 1392هـ/1972م لثلاثة مواسم ، وبعد إنشاء قسم الآثار والمتاحف عام 1398هـ/1978م انتقل نشاط التنقيب إليه واستمر إلى سنة 1422هـ/2002م ، وكان التنقيب في قرية (الفاو) منذ البداية حتى الموسم العشرين 1415هـ/1995م تحت رئاسة أ0د عبد الرحمن الطيب الأنصاري0
أشارت الكتابات العربية الجنوبية إلى قرية وسمتها " قرية ذات كهل " وكهل هو معبود قرية الرئيس، كما ذكرت الكتابات العربية الجنوبية أن ملوك سبأ وذي ريدان قد غزوها أكثر من مرة ، وتتراوح تواريخ هذه الكتابات بين القرن الأول ق0م وأوائل القرن الرابع الميلادي ، وقد وصفت قرية (الفاو) من قبل سكانها في كتاباتهم بالجنة وبقرية(طلو ) ربما بمعنى المدينة الحمراء 0
كما تنحصر أهمية قرية الفاو في موقعها المهم على أهميتها على الطريق التجاري ، فقد أظهرت أعمال التنقيب معلومات مهمة حول تطور المدينة حيث تبين أنها نمت تدريجياً من نقطة عبور للقوافل إلى محطة تجارية مهمة على الطريق التجاري الممتد من جنوب الجزيرة العربية والمتجه شمال شرق إلى الخليج العربي وبلاد الرافدين وشمال غرب الحجاز وبلاد الشام إلى أن أصبحت مركزاً اقتصادياً ودينياً وسياسياً وثقافياَ في وسط الجزيرة العربية ، وحاضرة قرية لدولة كندة في مراحلها الأولى ......
وعثر في قرية على عدد كبير من آبار المياه يزيد على مائة وعشرين بئراً ، كما أنها تقع على وادي يفيض بين مدة وأخرى ، واهتم سكان قرية بالزراعة اهتماماً كبيراً ، فقد حفروا الآبار الضخمة ، وشقوا القنوات السطحية التي تجلب المياه إلى داخل المدينة 0
فزرعوا النخيل والكروم وبعض أنواع اللبان والحبوب ، كما استعملوا جذوع الأشجار والنخيل في تسقيف منازلهم ، والأخشاب المحلية والمستوردة لأبوابهم ونوافذهم ، وأدواتهم المختلفة كالأمشاط وغيرها ، كما اهتموا بالثروة الحيوانية ومنها الجمال والأبقار والماعز والضأن والغزلان والوعول 0
وكانت قرية (الفاو) مدينة غير مسورة حيث لم يعثر لها حتى الآن على سور أو ما يدل على وجود سور لها ، وهذا يعني أن المدينة ذات الموقع الاستراتيجي المهم كانت مدينة تجارية مفتوحة للقوافل التجارية الآتية من الممالك العربية المختلفة ، فهي محمية طبيعيا حيث تشكل المظاهر الجغرافية المحيطة بها وقاية طبيعية لها كجبل طويق من الشرق ، إلى جانب أن سكان قرية بنوا بوابات في الجهات الشمالية والغربية والجنوبية .
وقد استخدم سكان قرية في حروبهم الخيل كما يظهر في اللوحات الجدارية وبعض التماثيل النحاسية، وفي دفاعهم استخدموا الرماح والنبال والسيوف0
واستعمل سكان قرية في بناء مدينتهم اللبن المربع والمستطيل، كما استعملوا الحجر المنقور والمصقول في الأسس وبناء المقابر ، واستخدموا الجبس المخلوط بالرمل والرماد في تبليط الجدران الداخلية للمباني ، ودعموا مبانيهم بالأبراج المربعة المستطيلة ،
ومن أهم مميزات عمارة قرية ( الفاو) وجود أزقة وشوارع بين المنازل، ووجود وحدات سكنية متميزة تتسع بعض غرفها حتى تصل إلى عشرة أمتار طولاً وثلاثة أمتار عرضاً ، والاهتمام بالخانات أو الفنادق ، والدقة في استقامة المباني وضبط زواياها القائمة ، ويصل سمك بعض الجدران إلى 180 سم واستخدام أعتاب من الحجر بعضها عليه نصوص مكتوبة بخط المسند مما يدل على أنها منقولة واستعمال الأخشاب للأبواب والأسقف وشيوع استعمال الدرج بوضع أحواض الأزيار بها أو استعمال بعضها أماكن لطحن الحبوب ، ومن أهم ما تميزت به بيوت قرية (الفاو) وجود شبكات للمياه النظيفة تخرج من المنازل ، وخزانات للفضلات مما يدل على وجود مراحيض في الأدوار العليا 0
الكتابات : اهتم سكان قرية ( الفاو) بالكتابة اهتماماً كبيراً ، فهي موجودة على سفوح الجبال وفي السوق والمعبد وعلى اللوحات الفنية وفي المدينة السكنية وعلى شواهد القبور والفخار والمواد الأثرية الأخرى ، وقد عبر سكان قرية عن أفكارهم وخواطرهم بالخط المسند الجنوبي الذي أخذ في قريـــــــــة شكــــــــلاً متميزاً عنه في الجنوب ، أما لغتهم فكانت مزيجاً بين لغة الشمال والجنوب ، وكانت موضوعات الكتابة مختلفة فمنها الموضوعات الدينية والتجارية ، بالإضافة إلى الموضوعات المتعلقة بالعلاقات الفردية ، فعن طريق الكتابات أمكن التعرف على أسماء الأعلام والقبائل وبعض المعبودات ، ومن خلال الكتابات أمكن كذلك التعرف على وجود علاقات بين قرية ( الفاو) وبعض ممالك الجزيرة العربية مثل الأنباط واللحيانيين ، وقد نقلت التجارة معها إلى قرية الخط الآرامي النبطي ، حيث عثر على نصوص مكتوبة بالخط المسند والخط النبطي في آن واحد ، إضافة إلى وجود مخربشات نبطية في بعض غرف وحدات المنطقة السكنية
ومن المواد التي استخدمت في الصناعات المختلفة وعثر عليها في قرية (الفاو) 0
الخشب : اهتم سكان قرية بالخشب اهتماماً كبيراً فاستخدموه في المنازل والأسواق وتوابيت في المقابر0 ولكن لم يعثر على الكثير من هذه المادة نظراً لسرعة التلف الذي يصيبها ، إلا أنه قد عثر على بعض المعتورات الخشبية ومنها الأمشاط ووعاء صغير لطحن المواد الخفيفة ومكيال وقطعة مستطيلة الشكل عليها دائرتان غائرتان استعملت قاعدة لكفتي ميزان 0
العظم والعاج: استخدمت عظام الجمال بعد تنظيفها في الكتابة عليها بمداد أسود وأحمر بالخط المسند ، أما العاج فقد عثر على قطع منه استعملت أساور وخواتم وأقراط وأدوات زينة وحلي 0
المنسوجات : عثر على قطع منسوجة من الكتان وصوف الأغنام ووبر الجمال ، وهذه القطع تمثل أجزاء من ملابس وأجزاء أخرى كانت تزين ظهور الجمال وتغطي الهوادج ، فالرسوم الجدارية التي تظهر الصور الآدمية مرتدية ملابس فضفاضة وأردية منمقة 0 واستخدام بعض الغرف لأغراض النسج دليل على تقدم صناعة المنسوجات في قرية ( الفاو) 0
المعادن : كشفت التنقيبات الأثرية عن عدد من الأواني المعدنية وتماثيل وأجزاء من تماثيل آدمية وحيوانية ، وتمثلت الأواني المعدنية في القدور والسكاكين والإبر والمخايط وأغماد الخناجر والمفاتيح والمرواد ومقابض الأواني والأساور والأوزان والمسارج 0
المسكوكات : وهي من أهم معثورات قرية ( الفاو ) لأن معظمها قد ضرب فيها ، وقد عثر عليها في أماكن متفرقة وبعضها وجد على السطح ومعظم المسكوكات التي عثر عليها ضربت من الفضة ، وأهم تلك المسكوكات مجموعة من القطع الفضية والبرونزيه
الحلي : لم يعثر في قرية ( الفاو) على الكثير من الحلي ، وما وجد منها هو أساور من المعدن أو الزجاج أو العاج أو العظام ، وغالباً ما تكون هذه الأساور مزخرفة بزخارف طبيعية جميلة ، كذلك عثر على بعض الخواتم الفضية النحاسية والحديدية وعلى مجموعة كبيرة من الخرز المختلفة الأشكال والأحجام بالإضافة على مجموعة لا بأس بها من الفصوص ومجموعة من المراود النحاسية ودبابيس نحاسية للشعر وإبر نحاسية صغيرة وكبيرة للحياكة 0
الزجاج : لم يعثر في قرية ( الفاو) على أوانِ زجاجية سليمة من الأحجام الكبيرة إلا أن ما عثر عليه من قطع زجاجية ذات أهمية كبيرة في صناعة الزجاج وقد عثر على بقايا أوان وأساور وأدوات زينة وخواتم وفصوص وخرز صنعت بطرق عدة ومتنوعة وقنينات صغيرة الحجم تستخدم للعطور ومواد التجميل 0
الحجر : صنعت الأدوات الحجرية من الأحجار المحلية ، ومن أحجار مجلوبة من خارج قرية ( الفاو) منها حجر البازلت والحجر الصابوني وغيرهما
http://wikimapia.org/p/00/00/26/07/03_big.jpg
http://wikimapia.org/p/00/00/26/07/02_big.jpg
http://wikimapia.org/p/00/00/26/07/01_big.jpg
http://www.athagafy.com/maps/AL%20FAW.jpg
وكل هذا يدعوا إلى التفكر والدبر في عظمة الله سبحانه وتعالى فهذي أقوام سادت ثم بادت
ويرجح المؤرخون أن قبيلة كندة بعد أن سقطت مملكتها في قرية الفاو توجهت شمالاً ، لأننا نجد ذكرها في النقوش التي سجلت حملات ملوك حمير على أواسط الجزيرة العربية ، فقد شاركت كندة في حملة ملك حمير "أب كرب أسعد" الذي عرف لدى المصادر العربية باسم " أسعد كامل" وابنه " حسان يهأ" وقد جاءت تلك الحملة إلى أواسط الجزيرة العربية في الربع الأول من القرن الخامس الميلادي ، كما شاركت كندة في حملة الملك الحميري " معدي كرب يعفر" على أواسط الجزيرة العربية سنة 516م.
وبعد سقوط مملكتهم في قرية نزح الكنديون من مواطنهم واتجهوا إلى الشمال في أواسط القرن الرابع الميلادي حيث انتشروا في أماكن ومنها غمر كندة أو غمر ذي كندة ومناطق حفر الباطن شرقاً ودومة الجندل غرباً بما في ذلك منطقة سدير والقصيم ، ولعل ملوك حمير قد أسهموا في تأسيس مملكة كندة الثانية للسيطرة على الطرق التجارية المارة بأواسط الجزيرة العربية ليأمنوا من القبائل العربية المقيمة هناك، إلى جانب الحد من نفوذ مملكتي المناذرة والغساسنة اللتين ترعيان المصالح الساسانية البيزنطية في وسط الجزيرة العربية وشمالها ، فكانت مملكة كندة الثانية حائلاً دون تغلغل النفوذ الساساني والبيزنطي داخل الجزيرة العربية ، ويعتقد بعض المؤرخين أن مملكة كندة الثانية لم تكن مملكة بالمعنى المعروف لممالك الجزيرة العربية بل كانت تحالفاً قبلياً تشغل فيه قبيلة كندة مركز الصدارة ، إلا أن بعض المخربشات العربية الجنوبية قد وصفت حجر بن عمرو الذي يعد أول ملوك كندة الثانية بأنه ملك كندة ( ح ج ر/ ب ن / ع م ر م /م ل ك / ك د ت ) 0
كان حجر بن عمرو ( آكل المرار) أول ملوك كندة الثانية ، ويعتقد أنه تولى الحكم في نحو سنة 480م ، واستمر حتى وفاته في العقد الأخير من القرن الخامس الميلادي
بداية الاهتمام بالفاو:
بدأ الاهتمام بقرية بوصفها موقعاً أثرياَ في الأربعينيات حينما أشار إليها بعض موظفي شركة أرامكو، ثم في سنة 1372هـ/1952م قام بزيارتها كل من: جون فيلبي ، وجاك ريكمانز ، وكونزاك ريكمانز ، وفيليب ليبنز ، وفي سنة 1389هـ/1969م زارها ألبرت جام موفداً من قبل وكالة الآثار والمتاحف حيث قام بدراسة مجموعة كتاباتها المنتشرة على سفح جبل طويق المطل على قرية من ناحية الشرق 0
وفي سنة 1387هـ/1976م بدأ اهتمام جامعة الملك سعود ممثلة في جمعية التاريخ والآثار بقسم التاريخ ، التي قامت برحلات استطلاعية بدأت سنة 1391هـ/1971م لدراسة الموقع علمياً وتحديداً المنطقة الأثرية ، ثم بدأت أعمال التنقيب في موقع قرية منذ عام 1392هـ/1972م لثلاثة مواسم ، وبعد إنشاء قسم الآثار والمتاحف عام 1398هـ/1978م انتقل نشاط التنقيب إليه واستمر إلى سنة 1422هـ/2002م ، وكان التنقيب في قرية (الفاو) منذ البداية حتى الموسم العشرين 1415هـ/1995م تحت رئاسة أ0د عبد الرحمن الطيب الأنصاري0
أشارت الكتابات العربية الجنوبية إلى قرية وسمتها " قرية ذات كهل " وكهل هو معبود قرية الرئيس، كما ذكرت الكتابات العربية الجنوبية أن ملوك سبأ وذي ريدان قد غزوها أكثر من مرة ، وتتراوح تواريخ هذه الكتابات بين القرن الأول ق0م وأوائل القرن الرابع الميلادي ، وقد وصفت قرية (الفاو) من قبل سكانها في كتاباتهم بالجنة وبقرية(طلو ) ربما بمعنى المدينة الحمراء 0
كما تنحصر أهمية قرية الفاو في موقعها المهم على أهميتها على الطريق التجاري ، فقد أظهرت أعمال التنقيب معلومات مهمة حول تطور المدينة حيث تبين أنها نمت تدريجياً من نقطة عبور للقوافل إلى محطة تجارية مهمة على الطريق التجاري الممتد من جنوب الجزيرة العربية والمتجه شمال شرق إلى الخليج العربي وبلاد الرافدين وشمال غرب الحجاز وبلاد الشام إلى أن أصبحت مركزاً اقتصادياً ودينياً وسياسياً وثقافياَ في وسط الجزيرة العربية ، وحاضرة قرية لدولة كندة في مراحلها الأولى ......
وعثر في قرية على عدد كبير من آبار المياه يزيد على مائة وعشرين بئراً ، كما أنها تقع على وادي يفيض بين مدة وأخرى ، واهتم سكان قرية بالزراعة اهتماماً كبيراً ، فقد حفروا الآبار الضخمة ، وشقوا القنوات السطحية التي تجلب المياه إلى داخل المدينة 0
فزرعوا النخيل والكروم وبعض أنواع اللبان والحبوب ، كما استعملوا جذوع الأشجار والنخيل في تسقيف منازلهم ، والأخشاب المحلية والمستوردة لأبوابهم ونوافذهم ، وأدواتهم المختلفة كالأمشاط وغيرها ، كما اهتموا بالثروة الحيوانية ومنها الجمال والأبقار والماعز والضأن والغزلان والوعول 0
وكانت قرية (الفاو) مدينة غير مسورة حيث لم يعثر لها حتى الآن على سور أو ما يدل على وجود سور لها ، وهذا يعني أن المدينة ذات الموقع الاستراتيجي المهم كانت مدينة تجارية مفتوحة للقوافل التجارية الآتية من الممالك العربية المختلفة ، فهي محمية طبيعيا حيث تشكل المظاهر الجغرافية المحيطة بها وقاية طبيعية لها كجبل طويق من الشرق ، إلى جانب أن سكان قرية بنوا بوابات في الجهات الشمالية والغربية والجنوبية .
وقد استخدم سكان قرية في حروبهم الخيل كما يظهر في اللوحات الجدارية وبعض التماثيل النحاسية، وفي دفاعهم استخدموا الرماح والنبال والسيوف0
واستعمل سكان قرية في بناء مدينتهم اللبن المربع والمستطيل، كما استعملوا الحجر المنقور والمصقول في الأسس وبناء المقابر ، واستخدموا الجبس المخلوط بالرمل والرماد في تبليط الجدران الداخلية للمباني ، ودعموا مبانيهم بالأبراج المربعة المستطيلة ،
ومن أهم مميزات عمارة قرية ( الفاو) وجود أزقة وشوارع بين المنازل، ووجود وحدات سكنية متميزة تتسع بعض غرفها حتى تصل إلى عشرة أمتار طولاً وثلاثة أمتار عرضاً ، والاهتمام بالخانات أو الفنادق ، والدقة في استقامة المباني وضبط زواياها القائمة ، ويصل سمك بعض الجدران إلى 180 سم واستخدام أعتاب من الحجر بعضها عليه نصوص مكتوبة بخط المسند مما يدل على أنها منقولة واستعمال الأخشاب للأبواب والأسقف وشيوع استعمال الدرج بوضع أحواض الأزيار بها أو استعمال بعضها أماكن لطحن الحبوب ، ومن أهم ما تميزت به بيوت قرية (الفاو) وجود شبكات للمياه النظيفة تخرج من المنازل ، وخزانات للفضلات مما يدل على وجود مراحيض في الأدوار العليا 0
الكتابات : اهتم سكان قرية ( الفاو) بالكتابة اهتماماً كبيراً ، فهي موجودة على سفوح الجبال وفي السوق والمعبد وعلى اللوحات الفنية وفي المدينة السكنية وعلى شواهد القبور والفخار والمواد الأثرية الأخرى ، وقد عبر سكان قرية عن أفكارهم وخواطرهم بالخط المسند الجنوبي الذي أخذ في قريـــــــــة شكــــــــلاً متميزاً عنه في الجنوب ، أما لغتهم فكانت مزيجاً بين لغة الشمال والجنوب ، وكانت موضوعات الكتابة مختلفة فمنها الموضوعات الدينية والتجارية ، بالإضافة إلى الموضوعات المتعلقة بالعلاقات الفردية ، فعن طريق الكتابات أمكن التعرف على أسماء الأعلام والقبائل وبعض المعبودات ، ومن خلال الكتابات أمكن كذلك التعرف على وجود علاقات بين قرية ( الفاو) وبعض ممالك الجزيرة العربية مثل الأنباط واللحيانيين ، وقد نقلت التجارة معها إلى قرية الخط الآرامي النبطي ، حيث عثر على نصوص مكتوبة بالخط المسند والخط النبطي في آن واحد ، إضافة إلى وجود مخربشات نبطية في بعض غرف وحدات المنطقة السكنية
ومن المواد التي استخدمت في الصناعات المختلفة وعثر عليها في قرية (الفاو) 0
الخشب : اهتم سكان قرية بالخشب اهتماماً كبيراً فاستخدموه في المنازل والأسواق وتوابيت في المقابر0 ولكن لم يعثر على الكثير من هذه المادة نظراً لسرعة التلف الذي يصيبها ، إلا أنه قد عثر على بعض المعتورات الخشبية ومنها الأمشاط ووعاء صغير لطحن المواد الخفيفة ومكيال وقطعة مستطيلة الشكل عليها دائرتان غائرتان استعملت قاعدة لكفتي ميزان 0
العظم والعاج: استخدمت عظام الجمال بعد تنظيفها في الكتابة عليها بمداد أسود وأحمر بالخط المسند ، أما العاج فقد عثر على قطع منه استعملت أساور وخواتم وأقراط وأدوات زينة وحلي 0
المنسوجات : عثر على قطع منسوجة من الكتان وصوف الأغنام ووبر الجمال ، وهذه القطع تمثل أجزاء من ملابس وأجزاء أخرى كانت تزين ظهور الجمال وتغطي الهوادج ، فالرسوم الجدارية التي تظهر الصور الآدمية مرتدية ملابس فضفاضة وأردية منمقة 0 واستخدام بعض الغرف لأغراض النسج دليل على تقدم صناعة المنسوجات في قرية ( الفاو) 0
المعادن : كشفت التنقيبات الأثرية عن عدد من الأواني المعدنية وتماثيل وأجزاء من تماثيل آدمية وحيوانية ، وتمثلت الأواني المعدنية في القدور والسكاكين والإبر والمخايط وأغماد الخناجر والمفاتيح والمرواد ومقابض الأواني والأساور والأوزان والمسارج 0
المسكوكات : وهي من أهم معثورات قرية ( الفاو ) لأن معظمها قد ضرب فيها ، وقد عثر عليها في أماكن متفرقة وبعضها وجد على السطح ومعظم المسكوكات التي عثر عليها ضربت من الفضة ، وأهم تلك المسكوكات مجموعة من القطع الفضية والبرونزيه
الحلي : لم يعثر في قرية ( الفاو) على الكثير من الحلي ، وما وجد منها هو أساور من المعدن أو الزجاج أو العاج أو العظام ، وغالباً ما تكون هذه الأساور مزخرفة بزخارف طبيعية جميلة ، كذلك عثر على بعض الخواتم الفضية النحاسية والحديدية وعلى مجموعة كبيرة من الخرز المختلفة الأشكال والأحجام بالإضافة على مجموعة لا بأس بها من الفصوص ومجموعة من المراود النحاسية ودبابيس نحاسية للشعر وإبر نحاسية صغيرة وكبيرة للحياكة 0
الزجاج : لم يعثر في قرية ( الفاو) على أوانِ زجاجية سليمة من الأحجام الكبيرة إلا أن ما عثر عليه من قطع زجاجية ذات أهمية كبيرة في صناعة الزجاج وقد عثر على بقايا أوان وأساور وأدوات زينة وخواتم وفصوص وخرز صنعت بطرق عدة ومتنوعة وقنينات صغيرة الحجم تستخدم للعطور ومواد التجميل 0
الحجر : صنعت الأدوات الحجرية من الأحجار المحلية ، ومن أحجار مجلوبة من خارج قرية ( الفاو) منها حجر البازلت والحجر الصابوني وغيرهما
http://wikimapia.org/p/00/00/26/07/03_big.jpg
http://wikimapia.org/p/00/00/26/07/02_big.jpg
http://wikimapia.org/p/00/00/26/07/01_big.jpg
http://www.athagafy.com/maps/AL%20FAW.jpg
وكل هذا يدعوا إلى التفكر والدبر في عظمة الله سبحانه وتعالى فهذي أقوام سادت ثم بادت